پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج1-ص1

2 مقدمة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه

أجمعين.

أما بعد: فقد جاءتني رسائل كثيرة من نواح متعددة، تشير بإعادة النظر في الجزء الأول من كتاب الفقه لأنه يشتمل على أغلاط فقهية، وإيجاز في مواطن كثيرة، مع ما له من المزايا الأخرى التي لا توجد في كتب الفقه الأخرى.

فتصفحته بإمعان فوجدت هذه الملاحظات لها محل من الاعتبار. ويرجع سبب ذلك إلى أن أصل وضع الكتاب، كان الغرض منه تسهيل مواضيع الفقه الإسلامي على أئمة المساجد العلماء، وهؤلاء عليهم أن يوضحوا ما يقف في سبيلهم من مُجمل أو مبهم، فترتب على ذلك تَسَمُح [هكذا في الأصل، ولعله “تسامح”] في صياغة نصوص أعلى الصحيفة، فنشأ عنه هذا الخطأ؛ ولما كانت شاعراً به أمكنني إزالته، وتوضيح كل مبهم منه.

وعلى هذا رأيت إعادة النظر في الكتاب من أوله إلى آخره، ومراجعة كتب الفقه الأخرى فرأيت من الضروري إدخال الإصلاح الآتي:

أولاً: أن أجعل لكل مسألة عناوين خاصة بها، كي يسهل على كل واحد أن يرجع المسألة التي يريدها بالنظر في محتويات الكتاب (الفهرست)، بخلاف الكتاب الأول، فإن مسائله كانت مخلوطة، فلا يسهل على الناس الوقوف على أغراضهم منها.

ثانياً: رأيت من الضروري أن أنص في أعلى الصحيفة على المذهبين المتفقين حتى يتحرر هذان المذهبان على وجه لا يحتمل الخطأ؛ وهذه الطريقة يتبين منها خطأ الطريقة الأولى في كثير من أبواب الكتاب: كما هو الحال في “كتاب الصلاة، ومباحث القبلة، ومباحث الحيض، ومباحث الجبيرة، وغيرها مما لا أستطيع النص عليه لضيق المقام؛ وما على القارئ إلا أن يرجع إلى الكتاب ليعلم ما فيه من صواب واضح.

ثالثاً: قد رجعت إلى كتب الفقه في كثير من مواضيع الكتاب المذكورة في أسفل الصحيفة، وهي في الغالب ذكر السنن والفرائض بطريق الإجمال، فلم أجد فيها أخطاء كثيرة، ولكنني أوضحت منها كل مجمل.

رابعاً: رأيت من الضروري أن أبالغ في الإيضاح، حتى يتيسر لكل من نظر في هذا الكتاب أن يظفر بغرضه بسهولة؛ وقد اعتنيت عناية خاصة بمسائل: “كتابي: الحج، والصيام”، ليسهل على الناس فهمها بدون عناء كبير.

خامساً: ذكرت كثيراً من حكمة التشريع في كل موضع أمكنني فيه ذلك، وكنت أود أن أكتب حكمة التشريع لكل مباحث الكتاب، ولكنني خشيت تضخمه، وذهاب الغرض المقصود منه.

سادساً: رأيت أن آتي بأدلة الأئمة الأربعة من كتب السنة الصحيحة، وأذكر وجهة النظر كل منهم.

وبالجملة فقد بذلت في هذا الكتاب مجهوداً كبيراً، وحررته تحريراً تاماً، وفصلت مسائله بعناوين خاصة، ورتبتها ترتيباً دقيقاً؛ وما على القارئ إلا أن يرجع إليه، ويأخذ ما يريده منه بسهولة تامة، وهو آمن من الزلل

إن شاء اللّه تعالى. واللّه المسؤول أن ينفع به المسلمين آمين.

2 كتاب الطهارة

3 [مباحث عامة]ـ

4 تعريفها

معنى الطهارة في اللغة: النظافة والنزاهة عن الأقذار والأوساخ،

سواء كانت حسِّية، أو معنوية، ومن ذلك ما ورد في الصحيح عن ابن

عباس رضي اللّه عنهما، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا دخل

على مريض قال: “لا بأس، طهور إن شاء اللّه”، والطهور كفَطور،

المطهر من الذنوب فهو صلى اللّه عليه وسلم يقول: إن المرض مطهر

من الذنوب، وهي أقذار معنوي [لعله: معنوية؟؟] ويقابل الطهارة النجاسة، ومعناها في

اللغة: كل شيء مستَقذَرٍ، حسياً كان، أو معنوياً فيقال للآثام: نجاسة وإن

كانت معنوية، وفعلها: نجس “بفتح الجيم وضمها وبكسرها” ينجس “بفتح

الجيم وضمها” نجاسة، فهو نجسٌ. ونجسٌ “بكسر الجيم وفتحها”، ومن

المفتوح قوله تعالى: إنما المشركون نجَسٌ

.

أما تعريف الطهارة والنجاسة في اصطلاح الفقهاء، ففيه تفصيل المذاهب

(الحنفية قالوا: الطهارة شرعاً النظافة عن حدَثٍ. أو خَبثٍ، فقولهم:

النظافة يشمل ما إذا نظفها الشخص، أو نظفت وحدها، بأن سقط عليها

ماء فأزالها، وقولهم: عن حَدَث يشمل الحدث الأصغر، وهو ما ينافي

الوضوء من ريح ونحوه، والحدَث الأكبر، وهو الجنابة الموجبة للغسل،

وقد عرَّفوا الحدَث بأنه وصف شرعي يَحلَّ ببعض الأعضاء. أو بالبدن

كله فيزيل الطهارة، ويقال له: نجاسة حُكيمة، بمعنى أن الشارع حَكم

بكوْن الحدث نجاسة تمنع من الصلاة، كما تمنع منها النجاسة المحسَّة، أمَّا

الخبث فمعناه في الشرع العين المستقذرة التي أمر الشارع بنظافتها.

وبهذا تعلم أن النجاسة تقابل الطهارة، وأنها عبارة عن مجموع أمرين:

الحدَث. والخبث، ولكن اللغة تطلقها على كل مستقذر، سواء كان حسياً،

كالدم. والبول. والعَذرة. ونحوها، أو كان معنوياً، كالذنوب، أمَّا الفقهاء

فقد خصوا الحدث بالأمور المعنوية، وهو الوصف الشرعي الذي حكم

الشارع بأنه حلّ في البدن كله عند الجنابة أو في أعضاء الوضوء عند

وجود ناقض الوضوء من ريح ونحوه وخصوا الخبث بالأمور العينية

المستقذرة شرعاً، كالدم… الخ.

ولعلَّ قائلاً يقول: إن هذا التعريف يخرج الوضوء على الوضوء بنية

القربة إلى اللّه، فإن الوضوء الثاني لم يزل حدثاً ولم يرفع خبثاً، مع كونه