زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص693
الرابعة عشر: ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون(1).
أي ما يوجد أظلم من كاتم شهادة حاصلة عنده من الله، أو يكتمها من الله بحيث لا يقولها عند الطلب، فكأنه يريد يخفيها من الله، إذ لو كان يعلم أن الله يعلم فلا فائدة له في الكتمان، بل يعلم أنه يضره فلا يكتمها أو يكتمها من عباد الله فيكون المضاف محذوفا، والحال أن الله تعالى عالم به وبغيره من أعماله الحسنة و القبيحة ففيها ترغيب وترهيب فاعملوا وكونوا على حذر من الله.
كتم الشهادة إخفاؤها، و ” من الله ” متعلق بكتم أو صفة اخرى للشهادة، و الاول أولى، والباقي ظاهر، ويمكن الاستدلال بها على تحريم كتمان الشهادة، و بقوله ” إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعدما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فاولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم “(2).
تفسيرها ظاهرا أن كل شخص يخفي ولم يبين ما أوجده الله من الدلائل المبينات والذي يهدي إلى المطلوب بعد أن بينه الله له ولغيره من الناس في الكتابالمنزل أي كتاب كان، بل لا يبعد إطلاقه على كتب الاخبار أيضا بل جميع ما يمكن فيه البيان كتابا كان أو لا، مجازا وتغليبا ” اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ” فهم ملعونون يلعنهم الله أي يحكم بلعنهم ويبعدهم عن رحمته، ويلعنهم أيضا من يتأتى منه اللعن، بأن يدعو عليهم بالبعد عن رحمة اللله تعالى والذين يتأتى منهم اللعن المسلمون إنسا وجنا أو الكفار أيضا باعتبار لعنهم ذلك الشخص في الآخرة كما ورد أو البهائم أيضا بأن يلهمهم بالدعا عليهم باللعنة، بل كل مخلوق كما قيل.
إلا الذين تابوا
وهذا اللعن ثابت للكل دائما إلا بعد التوبة لمن تاب أي
(1) البقرة: 14.
(2) البقرة.160.