زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص687
في مواضع مثل تفسير قوله ” لا ينال عهدي الظالمين ” حتى نقل عن أبي حنيفة أنه قال لو دعاني ظالم مثل اللص المتغلب المنصور الدوانقي إلى عد آجر لبناء مسجد أراد بناءه لما أجبته، وهذا منقول في التهذيب عن الصادق عليه السلام.
وقال في مجمع البيان: أما أصحابنا فقد رووا عن الباقر عليه السلام أن اولي الامر الائمة المعصومين وآل محمد أوجب الله طاعتهم بالاطلاق كما أوجب طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله، ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الاطلاق إلا من ثبت عصمته وعلم أن باطنه كظاهره، وأمن من الغلط والامر بالقبيح، وليس ذلك بحاصل في العلماء والامراء وجل الله سبحانه وتعالى عن أن يأمر بطاعة من يعصيه، أو بالانقياد للمختلفين بالقول والفعل.
والحاصل: بطلان غير هذا القول ظاهر، والدليل عليه من العقل والنقل والاخبار خصوصا من طرق أهل البيت عليهم السلام كثيرة جدا ومما يؤيده أن الله ما قرن بينه وبين الرسول للتفاوت العظيم، وقارن بين الرسول واولي الامر للقرب، فلا بد أن يكون بينهما قربا ولا قرب بين الرسول وبين غير أهل البيت عليهم السلام وهو ظاهر.
ثم اعلم أن في تعلق الرد إلى الله بالاختلاف ونحو ذلك مما يستفاد منه عدم الرد والخلاف، وعدم خفاء الحق مع الاجتماع دلالة على حجية الاجماع، وهو ظاهر ومسلم لدخول المعصوم فتأمل.
ثم أكد الله تعالى على الرعية التسليم لحكم الله ورسوله بقوله ” ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به “(1) أي ألم تعلم يا محمد أو ألم تعجب من صنع هؤلاء الذين يزعمون أنهم مؤمنون بما انزل إليك من القرآن وبما انزل من قبلك من الكتب مثل التوراة والانجيل، ومع ذلك يريدون التحاكم إلى الطاغوت وقد أمرناهم أن يكفروا بها في قوله تعالى ” فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها “(2) يعني لا يمكن زعم الايمان وإرادة التحاكم إلى الطاغوت
(1) النساء: 60.
(2) البقرة: 256.