زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص684
من الدين وبدون قيد ” فاولئك هم الظالمون ” لحكمهم بخلاف الحق ” والفاسقون ” لخروجهم عن الشرع.
الرابعة: ” وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل(1) ” أمر الله تعالى الحكام أن يحكموا بالعدل، فتدل على وجوب العدل بين الناس في الحكم صريحا.
الخامسة: انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما(2).
الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله والكتاب هو القرآن ” وبالحق ” حال متعلق بمتلبسا وبما أراك الله أي أعلمك الله إياه بالوحي، فهو من الرؤية بمعنى العلم لا الرأي والقياس، فلا يدل على جواز القياس والاجتهاد له بل يدل على نفيه، ويدل أيضا على عدم جواز معاونة المتخاصمين المتحاكمين، فيأخذ جانب أحدهما ويصير خصما للآخر أو يعلمه ما يغلب به على خصمه، ونحو ذلك.
السادسة: فان جاؤك فاحكم بينهم او اعرض عنهم(3).
كأنه تخيير للنبي صلى الله عليه وآله ولمن يقوم مقامه من الامام والقاضي، إن تحاكم إليهم الكفار، بين أن يحكموا بينهم بالعدل، الذي هو الحق في نفس الامر، وهو مقتضى الاسلام، وبين أن يعرضوا عنهم بأن يحيلوهم إلى حكامهم يحكمون بينهم بمقتضى شرعهم إن كان في شرعهم فيه حكم كما ذكر أصحابنا.
قال القاضي: تخيير لرسول الله صلى الله عليه وآله إذا تحاكموا إليه بين الحكم والاعراض ولهذا قيل: لو تحاكم الكتابيان إلى القاضي لم يجب عليه الحكم وهو قول الشافعي والاصح وجوبه إذا كان المترافعان أو أحدهما ذميا لانا التزمنا الذب عنهم ودفع الظلم منهم، والآية ليست في أهل الذمة، وفيه تأمل لان ظاهر الآية في أهل الذمة
(1) النساء: 58.
(2) النساء: 105.
(3) المائدة: 42.