پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص682

لنمثلن بالاحياء منهم فضلا عن الاموات، فنزلت وفي هذا السبب تأمل، وعلى تقديره لا يخرج عن العموم كما هو المقرر فتأمل.

واصبر

يا محمد فيما يبلغك من الكفار ودعوتهم وفيما تلقاه من الاذى منهم، واصبر على ما يحث عليه من الطاعات وعلى ما يحث عنه من المعاصي والقبايح ” وما صبرك ” وليس صبرك ” إلا بالله ” بتوفيقه وأمره وإقداره وتيسيره، فلا يكون ضائعا بل موجبا للاجر العظيم ” ولا تحزن ” على المشركين في إعراضهم عنك وعدم إيمانهم وبقائهم على الكفر الموجب لدخول النار وسخط الله، وقيل: ولا تحزن على قتلى احد حمزة وغيره فانهم أدركوا القرب إلى الله وثوابه وأجره والرتبة العظيمة عنده للشهادة ” ولا تك في ضيق مما يمكرون ” أي ولا يك صدرك في ضيق مما يمكر بك وبأصحابك الكفار، فان الله يرد كيدهم في نحورهم ويجازيهم بأعمالهم.

إن الله مع الذين اتقوا

أي إنه مع المتقين عن الشرك وسائر المعاصي والفواحش والكبائر بالنصر والحفظ والكلاء‌ة ” و ” مع ” الذين هم محسنون ” قيل الاتقاء عن المعاصي والحسن فيما فرضه الله عليهم من الطاعات.

وفيها دلالة على أجر الصبر، وعدم الحزن على ما يصل إلى الكفار أو إلينا منهم، والصبر على التقوى وحسنها، وحسن الاحسان وحسن حال المحسنين، وفي قوله تعالى ” ولا تزر وازرة وزر اخرى ” دلالة على عدم جواز مؤاخدة أحد بذنب آخر وأخذ شئ بسبب فعل شخص آخر إلا ما استثني بالنص والاجماع، مثل مؤاخذة العاقلة بفعل غيرها.

[ 1 ]

كتاب القضاء والشهادات

وفيه آيات

الاولى: وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواء‌هم(1).

أمر له صلى الله عليه وآله بالحكم بين أحبار اليهود بما أنزل الله وعدم متابعة هواهم فيجب علينا ذلك.

الثانية: ” فلا وربك لا يؤمنون “(2) أي لا يزعموا أن الايمان يحصل بمجرد اللسان مع المخالفة بالقلب وعدم الرضا بحكمه، إذا لم يوافق طباعهم، والتحاكم إلى الطاغوت.

اقسم بربك أنه ليس كذلك، إنهم لا يؤمنون حقيقة حق الايمان ” حتى يحكموك فيما شجر بينهم ” حتى يجعلونك حاكما لا غيرك فيما وجد بينهم من المخالفة في امورهم، ثم إذا حكمت بينهم بشئ من الحق ” لا يجدوا في أنفسهم حرجا ” ضيقا وشكا في أنه الحق ” مما قضيت ” مما حكمت به ” ويسلموا تسليما ” وينقادوا لك انقيادا تاما من غير أن يشوبه شك وحرج وضيق خلق وعدم رضا، فان ذلك عدم الايمان.

ففي هذه الآية الشريفة كمال المبالغة في الرضا بالحق، وعدم إنكاره وعدم التضجر به وأن ذلك مناف للايمان، وأنه ليس مخصوصا بحكمه صلى الله عليه وآله بل الحكم الحق بل إنكار كل حكم عالم بحق أي عالم كان، هو نفس إنكار حكمه صلى الله عليه وآله وهو ظاهر.

الثالثة: ” ومن لم يحكم بما أنزل الله “(3) كان المراد مستهينا به.

ومنكرا له ومستخفا به ” فاولئك هم الكافرون ” لاستخفاهم بالشرع، وإنكارهم الضروري


(1) ص: 26.

(2) النساء: 65.

(3) المائدة: 44 و 45 و 47.