زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص672
تفاضلهم، والرد عليهم بأن لا يقتلوا اثنين بواحد، ولا حر غيرهم بعبدهم من دون العكس، وهذا المقدار يكفي لاخراج المفهوم عن الحجية على تقديرها لانه ما صار التخصيص لغوا لو لم يكن فائدته نفي الحكم عن غير المذكور.
وبعد هذا كله فلا يبعد أن نقول المفهوم يدل على ذلك، وهو معتبر هنا في الجملة لكن يفهم جواز قتل العبد بالحر بالطريق الاولى، وكذا قتل الانثى بالرجل ولما لم يكن على العبد سوى نفسه شئ فلا يؤخذ من مولاه شئ آخر غير نفس العبد بخلاف المرأة فانها تقتل بالرجل، ويمكن أن تؤخذ نصف الدية أيضا لانها نصف الرجل ويمكن عدم إثبات شئ سوى نفسها، وأما نفي قتل الحر بالعبد فنقول أنه مفهوم من الآية، ونقول به، وأما قتل الرجل بالمرأة فيقول به الاصحاب من دليل آخر وهو الاخبار بل إجماعهم فيخصص به مفهوم الآية، وبالجملة المفهوم حجة ولكن يترك بأقوى منه وقد بيناه.
والحاصل أن العمدة في تفاصيل الاحكام الاخبار والاجماع، ومن هذا علم أنها ليست بمنسوخة، وإن قلنا بمفهومها بقوله تعالى ” النفس بالنفس ” كما قاله في الكشاف حيث قال: وعن سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي وقتادة والثوري وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه أنها منسوخة بقوله ” النفس بالنفس ” فالقصاص ثابت بين العبد والحر، وبين الذكر والانثى الخ فانه لا يصح أما أولا فلان النفس بالنفس حكاية ما كان واجبا ومكتوبا في التوراة وليس بمعلوم ثبوت ذلك في المسلمين، وأما ثانيا فلانه لا عموم له بحيث ينسخ به شئ خاص، وأما ثالثا فلان المفهوم على تقدير حجيته دليل ضعيف فلا ينسخ به المنطوق إذ لا صلاحية له للتعارض فهو ترك مفهوم بمنطوق إلا أن يثبت العمل بالمفهوم ثم ترك النفس بالنفس، وأما رابعا فلانه يمكن التخصيص وهو أولى من النسخ، وأما خامسا فلانه لا شك في بقاء بعض الاحكام في الآية فلا يصح الحكم بأنها منسوخة إلا أن يريد نسخ المفهوم(1).
(1) العموم خ ل.