زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص668
فيفهم كمال الاهتمام باخوة الايمان.
قال في الكشاف وتفسير القاضي ومجمع البيان وفي قوله ” شئ ” دليل على أن بعض الاولياء إذا عفى سقط القود، لان شيئا من الدم قد بطل بعفو البعض والله تعالى قال ” فمن عفي له من أخيه شئ ” الآية والضمير في ” له ” و ” في أخيه ” كلاهما يرجعان إلى ” من ” وهو القاتل أي من ترك له القتل ورضي عنه بالدية، هذا قول أكثر المفسرين قالوا العفو أن يقبل الدية في قتل العمد، ولم يذكر سبحانه العافي لكنه معلوم أن المراد به من له القصاص المطالبة وهو ولي الدم.
وأنت تعلم أن عفو بعض الورثة لا يسقط القود الثابت لباقي الورثة على ما هو في كتب الاصحاب وادعى الاجماع عليه الشهيد الثاني في شرح الشرايع ولا دلالة في الآية عليه، إذ معناها الله يعلم أن ليس من العافي إلا الاتباع، ومن المعفو له إلا الاداء بالاحسان، ولا يفهم منه حكم غير العافي، فما كان له باق غير ساقط وهو ظاهر وقال في الكشاف والقاضي أن عفى الشئ بمعنى تركه، حتى يكون شئ مفعولا به له، لما جاء في اللغة، إذ لا يقال عفاه بل أعفاه فهو لازم، فالمعنى من عفي له من جهة أخيه شئ من العفو، فالشئ مفعول مطلق.
ثم قال في مجمع البيان: والقول الآخر أن المراد بقوله ” فمن عفي له ” ولي الدم، والهاء في ” له ” و ” أخيه ” يرجع إليه، وتقديره فمن بذل له من أخيه يعني أخ الولى، وهو المقتول الدية، ويكون العافي معطى المال ذكر ذلك عن مالك ومن نصر هذا القول قال: إن لفظ شئ منكر، والقود معلوم، فلا يجوز الكناية عنه بلفظ المنكر، إلى قوله وهذا ضعيف، والقول الاول أظهر وقد ذكرنا القول في تنكير شئ هذا.
وقد عرفت أنه غير منطبق على كلام الاصحاب إذ المشهور عندهم جواز القود للبعض مع رضا البعض بالدية والعفو فيؤدي حصص الباقين، نعم نقل في الاسقاط رواية والعمل بها والقائل غير معلوم، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أن كل العفو وبعضه مساو في الحكم وهو اتباع بالمعروف، وأداء إليه بإحسان.