زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص656
واعلم أنه مع البيان ثم التأكيد بأنه يبين لعدم الضلال قد وقع الضلال والله يهدي إلى الصواب.
و ” امرء ” مرفوع بفعل مقدر يفسره ” هلك ” لان ” أن ” لا تدخل إلا على الفعل، وهلك امرؤ فعل شرط، و ” ليس له ولد ” صفة لامره ويحتمل الحال ” وله اخت ” حال ويحتمل العطف فيكون صفة أيضا أو حالا ” فلها نصف ما ترك ” جزاء ” وهو ” أي الامرئ ” يرثها ” أي الاخت مبتدأ وخبر جزاء مقدم، إذ يفهم منه الجزاء لقوله ” إن لم يكن لها ولد ” وهو اسم ” لم يكن ” وخبره ” لها ” ومرجع ضمير ” كانوا ” الظاهر أنه الورثة و ” رجالا ” صفة أو حال وكذا ” نساء ” والجملة شرطية و ” مثل ” مبتدأ مضاف و ” فللذكر ” خبره، والجملة جزاء ” والله بكل شئ عليم ” فهو عالم بمصالح العباد في الحياة والممات، وتقسيم المواريث، فلا يفعل إلا ما هو أصلح بحالهم دينا ودنيا فتأمل.
الثامنة: ” وإني خفت الموالي من ورائي “(1) أي خشيت عصبتي التي باقية بعدي بأخذ إرثي و ” كانت امرأتي عاقرا ” لم تلد ” فهب لي من لدنك ” أي من عندك ” وليا ” وارثا ” يرثني ويرث من آل يعقوب ” أيضا ” واجعله ” أي ذلك الوارث ” يا رب رضيا ” راضيا مرضيا، ولم يكن مثل موالي الذين خفت منهم فأنهم كانوا شرار بني إسرائيل كذا في الكشاف وفيه دلالة على توريث الاموال كسائر الناس لان المتبادر من الارث هو ذلك فيكون حقيقة فيه فلا يصار إلى غيره إلا مع الضرورة وليست، ولان الموالي التي يخاف منهم لذنوبهم ما كانوا يرثون النبوة لعدم صلاحيتهم لها، فانهم كانوا شرارا فلم يجعلهم أنبياء ولانهم لو كانوا قابلين لها لما كان معنى للخشية منهم وطلب غيرهم لان نبي الله عالم بأن الله تعالى لم يعط النبوة إلا لمن يكون أهلالهم ولانهم لم يكونوا رضيا.
ويؤيده آيات الارث، فلا يصار إلى غيره ولم يثبت ” نحن معاشر الانبياء لا نورث ” فلا يمكن التخصيص به، على أنه لو سلم صحته ففي تخصيص القرآن المتواتر بخبر واحد سيما إذا أنكره كثير ولم يروا إلا عن واحد، مع التهمة
(1) مريم: 5.