زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص651
لو لم يصل الدين والوصية إلى أهلهما يكون لهما الرجوع عليها، وعلى ساير الورثة الذين تصرفوا في المال، أو يبطل التصرفات فتكون موقوفة، وفيه تأمل، ويمكن دعوى ظهور إخراجهما مقدمة [ من الآية ] ويؤيده الرواية.
وبالجملة المسألة مشكلة وقد فصل الاصحاب القول واختلفوا فيها حتى أنه وقع الفتوى في القواعد في ثلاث مواضع كل واحد على خلاف الآخر، ولكن ذكروها في الدين فقط، وما توجهوا إلى الوصية، والظاهر أن الحكم واحد لظاهر الآية، فينبغي الرجوع إلى كلامهم، والبحث عنها هناك، ثم كون الوصية والدين من الثلث أو من الاصل وباقي مسائلهما يعلم من محلهما من كتب الاصحاب ورواياتهم، وظاهر الآية كونهما من الاصل، فتخصص الوصية بالاجماع والسنة فتأمل.
واعلم أنهم قد اختلفوا في معنى ” آباؤكم وأبنائكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ” وليس من مقصود هذا التعليق بيانه، ويمكن أن يكون المعنى أن الذي فعله تعالى في أمر الارث هو مقتضى علمه وحكمته، فقرر للآباء كذا، وللابناء كذا، وما فوض الامر إليكم وإلى علمكم، بأن من كان أقرب نفعا يعطى أكثر والاقل أقل فانكم ما تعرفون أيهما أقرب نفعا، والله هو العالم بالاقرب نفعا أو أن مجرد كونهم آباءكم وأبناءكم كاف للارث، وأما أن الاقرب نفعا يكون له أكثر فأنتم ما تعرفون ذلك، أو أنتم ما تعرفون من هم؟ قال القاضي: لا تعلمون من أنفع لكم ممن يرثكم من اصولكم وفروعكم، وعاجلكم وآجلكم، فتحروا فيهم ما وصاكم الله فيه ولا تعمدوا إلى تفضيل بعض وحرمان بعض.
وقال في الكشاف: أي لا تدرون من أنفع لكم من آبائكم وأبنائكم الذين يموتون أمن أوصى منهم أم من لم يوص؟ يعني أن من أوصى ببعض ماله فعرضكم لثواب الآخرة بإمضاء وصيته فهو أقرب لكم نفعا من ترك الوصية، فوفر عليكم عرض الدنيا، وجعل ثواب الآخرة أقرب وأحضر من عرض الدنيا، ذهابا إلى حقيقة الامر، ثم نقل أقاويل اخرى وقال: وليس شئ من هذه الاقاويل بملائم