زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص649
والجمع كالتثليث والتربيع، في إفادة الجمعية، وهذا موضع الدلالة على الجمع المطلق، فدل بالاخوة عليه، تأمل في هذه الافادة، فانها غير واضحة فالظاهر أنها اطلقت على ما فوق الواحد لقرينة ثبتت بالخبر والاجماع، ثم إن ظاهرها أعم من كونها إخوة الاب أو الام، وقد خص الاصحاب باخوة الاب وهو الشرط الثالث ولعل دليلهم الرواية والاجماع، وأن النفع لابيهم فكما أن الاب ينفع أولاده فهم أيضا ينفعونه بزيادة الارث له، وهذا المعنى غير موجود في الاخوة من الام وأيضا الظاهر منها الذكورة، وقد عمم، وجعل اختين بمنزلة أخ واحد فهما مع أخ آخر يحجبان وكذا الاربع، ولعل لهم دليلا غيرها.
والرابع كونهم وارثين في الجملة فلا يحجب القاتل والرق ونحوهما، و لعل لهم دليلا عليه، والخامس الفصل فلا يحجب الحمل، وفهم ذلك غير بعيد و تفصيلها في الفروع، وقوله ” من بعد وصية يوصي أو دين ” قالوا إنه متعلق بجميع ما تقدم من أول قسمة الميراث أي ثبوت الحصة للورثة إنما هو بعد إخراج ما أوصى به الميت وبعد الدين وقوله ” يوصي بها ” بعد الوصية للتأكيد وظاهرها التساوي بين الدين والوصية في تقديمهما على الارث، وأن كل واحد مستقل في التقديم، فايراد ” أو ” لذلك لا لان أحدهما مقدم لا المجموع وهو ظاهر، وتقديم الوصية مع كونها مؤخرة عن الدين في حكم الشرع للاهتمام بشأنها لاحتياجها إلى التأكيد والمبالغة لانه محل أن لا يسمعها الوارث فسواها مع الدين في التقديم حتى قدمها، لا ليفهم أن الاهتمام بها أكثر، ولانها مشابهة بالارث بحيث توقف ثبوتهما على الموت فذكرت بعده.
فدلت الآية على أن الوصية مطلقا والدين كذلك مقدمان على الارث فيخرج أولا مؤنة تجهيزه الواجبة، ثم الدين ثم الوصية ثم يقسم ما بقي بين الورثة على حكم الله، والترتيب مفهوم من الاجماع والسنة لا الكتاب وفي الآية دلالة ما على عدم تملك الوارث قبلهما الارث، بل عدم جواز تصرفه إلا بعد إخراجهما، فالمال إما باق على حكم مال الميت أو ينتقل إلى الديان والموصى إليه بقدرهما، فلا