پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص638

بقوله ” حرم عليكم الميتة ” الآية وغيرها وبلسان نبيه في الاخبار ” إلا ما اضطررتم إليه ” مما حرم عليكم فانه أيضا حلال حال الضرورة والاضطرار ففي مفهوم هذه الآية تحريم ما لم يذبح باسم الله، أي لم يذكر اسم الله عند ذبحه كما مر.

وأنزلنا من السماء ماء فأحيا به الارض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون

سماع إنصاف وتدبر وتفكر لان من لم يسمع بقلبه فكأنه أصم لا يسمع وفيها دلالة على إباحة الماء والارض بالنقل أيضا فعلى أي وجه يريد الانسان يتصرف فيهما ما لم يدل دليل على خلاف ذلك.

وإن لكم في الانعام لعبرة

(1) قد ذكر في أول هذه السورة في الكشاف أن الانعام هي الازواج الثمانية المذكورة في سورة الانعام، وأكثر ما يقع على الابل وقد انث هناك بقوله ” والانعام خلقها لكم فيها دف‌ء ومنافع ومنها تأكلون ” وفيها ” وتحمل ” وذكره هنا بقوله ” نسقيكم مما في بطونه ” والضمير راجع إليه فذلك إما لان الانعام اسم جمع وليس بجمع فيعتبر تارة معناه فيؤنث واخرى لفظه فيذكر، أو يكون جمعا والتذكير هنا باعتبار إرجاعه إلى بعض الانعام المفهوم منها فإن اللبن الذي في البطون ليس في البطون كلها، بل بعضها، ونقل إفراده في الكشاف والقاضي عن سيبويه، أي لكم في الانعام وما يحصل منها عظة و اعتبار لو تأملتم ثم بين ذلك بقوله ” نسقيكم ” فهو استيناف كأنه قيل كيف العبرة فقيل ” نسقيكم من بين فرث ودم لبنا خالصا ” أي يخلق الله اللبن وسيطا بين الفرث والدم يكتنفانه وبينه وبينهما برزخ من قدرة الله لا يبغي أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رايحة بل هو خالص من ذلك كله قيل إذا أكلت البهيمة العلف فاستقر في كرشها طبخته وكان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما والكبد قسام مسلط على هذه الاصناف الثلاثة يقسمها فيجري الدم في العروق واللبن في الضروع ويبقى الفرث في الكرش فسبحان الله ما أعظم قدرته وألطف حكمته، لمن تفكر وتأمل، وسئل شقيق عن


(1) النحل: 69 – 72.