زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص631
ثم اعلم أن ظاهر الآية تحريم الخمر وكل مسكر مطلقا وكذا كل قمار وميسر، لكن مع أخذ الرهن على ما فهم من اشتقاقه والاصحاب يحرمونه مطلقا لعله الاخبار أو إجماع أو كون الميسر أعم هنا عندهم، وإن كان في الاصل خاصا.
وفيه آيات: الاولى: ” يسألونك ماذا احل لهم “(1) أي عن ما احل لهم بعدما بين لهم المحرمات وحصل لهم الشبهة في موضع يحتمل التحريم ولم يكتفوا بالبراءة الاصلية وطلبوا النص فقال الله ” قل ” يا محمد ” احل لكم ” أي أحل الله لكم ” الطيبات ” أي ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر عنه عادة وعلى سبيل الغلبة، ويمكن أن يكون ما لم يدل دليل على تحريمه من عقل أو نقل، فيكون مؤيدا للحكم العقلي فاجتمع العقل والنقل على إباحة ما لم يدل دليل على تحريمه، وبمفهومه يدل على تحريم المستخبثات لمقابلة الطيبات كما دل عليه ” ويحرم عليهم الخبائث ” بمنطوقه ” وما علمتم من الجوارح ” يحتمل أن يكون عطفا على الطيبات ولكن بحذف مضاف أي مصيد ما علمتم من الجوارح أي الكلاب التي تصيدون بها بقرينة قوله ” مكلبين ” فإنه مشتق من الكلب أي حال كونكم صاحبي كلاب.
فيلزم كون الجوارح كلبا فيحل ما ذبحه الكلب المعلم إذا لم يقصر في الذبح ولم يغب عنه وبالجملة بالشرائط المقررة في الفروع، وقيل: المراد مطلق الجوارح، وهو الطيور وذوات الاربع من السباع وإطلاق المكلبين باعتبار كون المعلم في الاغلب كلبا فيلزم إباحة ذبيحتها أيضا بالشرائط وهو خلاف الظاهر، بل لا يمكن كونه مرادا وخلاف مذهب الاصحاب ورواياتهم، قال في مجمع البيان في تفسير الجوارح قبل قوله ” مكلبين ” قيل الجوارح هي الكلاب فقط عن ابن عمر والضحاك والسدي
(1) المائدة: 4.