زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص629
الكثرة أن أصحاب الخمر والميسر يقترفون فيهما الاثم من وجوه كثيرة لازمة لعدم العقل والدخول مع الفجار والفساق في فسقهم.
ثم اعلم أنه لا شك في دلالة الآية على تحريم الخمر مؤكدا ومعللا فانه قال ” فيهما إثم ” وهو الذنب واكد بالكبر وباثمهما وبين بأنه مشتملة على مفاسد كثيرة وهي أكثر مما يتخيل أنه منفعة والحكمة تقتضي تحريم ما فيه المفسدة فكيف المفاسد كما بين في الاصول وإن قلنا بالحسن والقبح الشرعيين فقط وأن أفعاله تعالى ليست معللة بالاغراض، وأنه يجوز خلو الاحكام عن علل ومصالح لان ذلك لا يجوز عند ظهور المفاسد ولم يقل به من يقول بالشرعيين.
ولذلك أصحاب القياس ما يجوزون كون وجود وصف صالح للعلية غير علة ولا يقولون بخلو الحكم عن علة وإن جاز الخلو مهما أمكن، ويقولون التعبد قليل بل ليس، وأن هذه المفاسد مصلحة للترك لا علة فلا يصح قول القاضي: والاظهر أنها ليست كذلك لما مر أي كون المفاسد محرمة للخمر، لان الحسن والقبح ليسا بعقليين فتأمل فيه والظاهر أنها ما كانت محللة في الاسلام بل في سائر الاديان على ما هو المشهور بين الاصحاب وسبب النزول في هذا المقام يدل على التحليل في زمان الاسلام أيضا.
قال في الكشاف والقاضي: ونزلت بمكة ” ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ” فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال، وذلك ليس بظاهر وقيل معنى سكرا رزقا حسنا وما يزيل العقل ليس بحسن.
ثم قالا إن عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة قالوا يا رسول الله أفتنا في الخمر فانها مذهبة للعقل ومسلبة للمال، فنزلت ” فيهما إثم كبير ومنافع للناس ” فشربها قوم وتركها آخرون، وهذا أيضا غير واضح إذ فيه إسناد تحليل حكم إلى الله تعالى مع أن عمر وبعض الصحابة يعرفون كونها مفسدة ويريدون تحريمها.
ثم قالا ودعا عبدالرحمن بن عوف ناسا منهم فشربوا وسكروا فأم بعضهم أي صار في صلاة الجماعة إماما، وقرء ” قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ” فنزلت