پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص627

سواء كان قرآنا أم لا، هذا تنبيه واضح على أن لا تحريم إلا فيما وجده بالوحي لا غير فلا تحريم فيما لم يجده ولم يجد إلا بالوحي فإنه ” لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى “(1) ” على طاعم يطعمه ” تأكيد ” إلا أن يكون ” الطعام ” ميتة ” المراد بها ما فارقته الروح بغير ذبح شرعي ذكرا كان أو انثى ” أو دما مسفوحا ” أي مصبوبا كالدم في العروق لا كالكبد والطحال وإن كان ذلك أيضا حراما لكن بوجه آخر لا لانه دم، فدما عطف على ميتة، وقال القاضي عطف على أن مع ما في حيزه وفيه تأمل وقد مر البحث في بيان تحريم الدم ونجاسته وتقييده فتذكر فإنه غير واضح ” أو لحم خنزير فإنه رجس ” أي الخنزير أو لحمه أو كل واحد مما تقدم ” أو فسقا ” عطف على لحم الخنزير أو ما عطف عليه، أي أحد المحرمات ما هو فسق ولكن هو مجمل لم يظهر إلا بالبيان ولعل قوله ” اهل لغير الله به ” صفة موضحة لبيانه ولعل المراد ما ذبح بغير التسمية سواء سمى غير الله أم لا.

والآية محكمة لانها تدل على عدم وجود محرم إلى تلك الغاية إلا هذه الامور، فلا ينافيه تحريم امور اخر بعدها، فلو وجد محرم آخر بخبر لا يكون نسخا للكتاب بالسنة فإن الظاهر عدم جواز ذلك إلا أن يكون متواترا وهو أيضا غير معلوم هنا، وبالجملة لا يمكن بهذا إثبات جواز نسخة بالخبر، وأيضا لا ينافيه وجود محرمات اخر في تلك الحالة مع التسليم، إذ قد يكون الحصر إضافيا أو يكون داخلا بدليل آخر، فيختص عموم الاباحة المفهوم من الحصر بدليل من خارج كسائر العمومات فلا نسخ أيضا وأيضا لا تدل على عدم حل الامور الآن غير هذه إلا مع انضمام الاستصحاب والاصل وتتبع دليل التحريم في الجملة، إذ لا ينبغي الحكم بالعدم بمجرد أن الاصل هو العدم فان الظاهر أنه لابد من التفتيش و الاستفصال، وإن لم يجب الاستقصاء كما قيل في الاصول، فان التعبير في الجملة ظاهر فتامل.

الثالثة: ” يسئلونك عن الخمر والميسر “(2) الخمر معلوم لانه عبارة عن كل


(1) النجم: 4.

(2) البقرة: 219.