پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص623

لكم فيها طرقا بين الجبال والاودية، وعرفكم إياها لتسلكوها ” وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى “(1) أي خلق الماء وأنزله فأخرح به من الارض أصنافا كثيرة مما ينبت منها مختلفة النفع والطعم واللون والرايحة تفكها وطعاما وبقولا، بعضها لكم وبعضها لبهائمكم، وبعضها لسقوفكم، وغير ذلك وفيه التفات ” كلوا وارعوا أنعامكم ” قيل حال من ضمير أخرجنا أي أخرجنا أصناف النباتات آذنين لكم في الانتفاع بها قائلين هذا القول وفيه تأمل، فيحتمل الاستيناف وكونه مفعولا له، والتقدير لتأكلوا وغيره ” إن في ذلك لآيات لاولي النهى ” أي فيما خلقنا لكم دلالة واضحة لذوي العقول على وجود الصانع وصفاته الثبوتية، من العلم والارادة والقدرة حيث يتأمل في حصول هذه النباتات من الارض اليابسة، بسقي الماء من السماء ووجود حكم فيها وأن بعضها سم قاتل، وبعضها نافع شاف من الامراض وبعضها طعام وبعضها فاكهة وبعضها للدواب، وأن عمدة رزقهم في الدواب وأن رزقها مما لم يمكن أن يكون رزقا لهم، وهذا غاية من الحكمة والعلم والارادة واللطف.

ففيها وفيما تقدم دلالة على إباحة الارض والماء والنبات كلها لكل إنسان بالتصرف فيها لنفسه ولانعامه، ثم في قوله ” منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى ” دلالة على أن الانسان مخلوق من الارض، وأنه يموت فيدفن فيها فيعود أرضا ثم يخرج منها ويخلق مرة اخرى كما خلقهم أول مرة فتكون الاعادة الجسمانية بعد العدم بالمرة حقا كما هو ظاهر غيرها من الآيات فتأمل.

وفي قوله تعالى:” ( إن في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لآيات لقوم يعقلون ) “(2) دلالة على جواز ركوب البحر


(1) طه: 53 – 55.

(2) البقرة: 159.