زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص621
رزقا لبني آدم ينتفع به في الاكل، أصرح مما تقدمها ففهم كون الاشياء على أصل الحلية منها أولى، وقال ذلك في مجمع البيان فيما تقدمها، ولو ذكر هنا لكان أولى، ومضمون الباقي تعليق وجوب الشكر لله على عبادتهم إياه.
قال في مجمع البيان: وتلخيص الكلام إن كانت العبادة واجبة عليكم لانه إلهكم فالشكر له أيضا واجب عليكم بأنه منعم محسن إليكم، حاصلة كما أن العبادة له واجبة فالشكر أيضا كذلك فيفهم وجوب الشكر مطلقا كوجوب العبادة، وقال فيه أيضا: الشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من تعظيم المنعم فهو على وجهين أحدهما الاعتراف بالنعمة متى ذكر المنعم بالاعتقاد، والثاني الطاعة بحسب جلالة النعمة، فالاول لازم على كل حال من أحوال الذكر، والثاني يلزم في الحال التي يحتاج فيها إلى القيام بالحق، وأما العبادة فهي ضرب من الشكر إلا أنه غاية فيه ليس وراءها شكر، ويعنون بها ضربامن الخشوع ولا يستحق العبادة إلا الله لانه منعم باصول النعم مثل الحياة والقدرة والشهوة وأنواع المنافع ولا يوازيها نعمة.
الرابعة: وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا(1).
أي لا تحرموا على أنفسكم ما أحل الله ولا تجتنبوا ذلك تنزها بل كلوا ما أحل الله ورزقكم، فان جميع ما رزقكم الله حلال وطيب لذيذ فحلال حال مبينة لا مقيدة وكذلك طيبا، وهو يحتمل التقييد، ويكون سبب التقييد ما في ما قبله ” لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ” حيث نهى هناك عن تحريم طيبات ما أحل الله لكم أي ما طاب ولذ منه، فانه قيل الظاهر أن قيد ” طيبات ما أحل الله ” للوقوع وأنه محلل للتحريم، وإلا جعل جميع ما أحل الله حراما منهي، ويحتمل كون الاضافة بيانية أيضا.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه وصف يوم القيامة لاصحابه يوما وبالغ في إنذارهم
(1) المائدة: 89.