زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص612
وبعدها أيضا على خلاف، ولو كانت يمينا وكفارة حقيقتين لما كان كذلك وهو ظاهر، وأيضا هذا اليمين غير مشروعة، وشرط الصحة المشروعية وإن قصدوا الطلاق وصمموا قصده ” فان الله سميع ” يسمع طلاقهم ” عليم ” يعلم ضميرهم يعني لابد من إيقاعه لفظا وقصدا حتى يخلص ففيه إشارة لطيفة إلى اعتبار اللفظ والقصد في الطلاق فافهم.
ثم اعلم أن ظاهر الآية عدم الكفارة سيما بعد المدة كما هو مذهب بعض الاصحاب، ولكن نقل الاجماع على وجوب الكفارة في المدة، وأن ابتداء المدة من حين الايلاء كما هو مذهب بعض الاصحاب أيضا وأن الظاهر عدم انعقاد الايلاء الذي يترتب عليه حكم الايلاء المشهور في أربعة أشهر وما دون، بل يكون إما دائما أو مقيدا بأكثر من أربعة أشهر، بحيث يسع الرجوع إلى الحاكم وإلزامه بأحد الامرين كما هو مذهب الاصحاب فمذهب الحنفى وهو انعقاده في الاربعة وما دون كما هو في البيضاوي وأربعة وما فوقه كما هو في الكشاف غير ظاهر.
وأما إذا لم يفعل أحد الامرين فتطلق الزوجة طلقة واحدة باينة عند الحنفي وتطلق عند الحاكم عند الشافعي وكلاهما غير واضح الدليل، إذ حل عقد شخص بغير شئ وبغير رضاه غير جائز حتى يثبت الدليل الذي يصلح لتخصيص الادلة العقلية والنقلية ولا يبعد كون دليل الشافعي لا ضرر ولا ضرار ونحوه، ويشكل جعل مثله دليلا لمثلها مع ثبوت التخيير، ويحبس ويتضيق عليه الطعام والشراب عند الاصحاب حتى يطلق أو يرجع ويكفر، كما يحبس ويعاقب إذا امتنع عن سائر الحقوق الواجبة عليه، وإن جوزوا في بعضها تصرف الحاكم، وكأن عدم تجويزهم هنا بنص أو احتياط في الفروج.
وأما سائر أحكام الايلاء والشروط فيطلب من الكتب الفقهية مثل اشتراط خلو الايلاء عن الشرط، وكونها منكوحة دائمة ومدخولا بها، وعموم الآية تدل على العدم إلا الدوام لذكر الطلاق، وكذا يدل على عدم الفرق بين العبد والحر والحرة والامة في الانعقاد ومدة التربص وعلى عدم اعتبار البلوغ والعقل والرشد