زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص593
ذلك على ما فهم مما سبق، وحقوق الازواج عليهن في أنفسهن بأن يبذلن أنفسهن لهم، ولا يمنعهم ولا يتزين لغيرهم، ولا يخرجن عن البيوت بغير إذنهم، بل ولا يخرجن عن إذنهم حتى لا يصمن ندبا ولا يحججن كذلك إلا باذنهم على ما ذكروه.
فهذا معنى قوله: ” وللرجال عليهن درجة ” فان حقوقهم عليهن في أنفسهن بهذه المثابة دون حقوقهن، فحقوقهم زيادة على حقوقهن في الحق أو في الشرف والفضيلة فانه من جهة القوام ومتعلق بأنفسهن بخلاف حقوقهن وهنا روايات مشتملة على بيان حقوق الجانبين مفصلة وزيادة حق الزوج على حق الزوجة حتى وقع في بعضها عنه صلى الله عليه واله لو كنت آمر أحدا يسجد لاحد لامرت المرأة لتسجد لزوجها(1) ومن كثرتها عليها قالت امرأة بعد أن سمعت عن النبي صلى الله عليه واله حيث قالت فما لي من الحق عليه مثله؟ قال لا، ولا من كل مائة واحدة: والذي بعثك بالحق نبيا لا يملك رقبتي رجل أبدا(2) فمنه ومن أمثاله يعلم معنى قوله ” ولهن مثل الذي ” ومعنى ” للرجال عليهن درجة ” فافهم ” والله عزيز ” أي قادر على الانتقام ممن خالف الاحكام ” حكيم ” يشرع الاحكام بحكم ومصالح ولا يفعل فعلا خاليا عن الحكمة والمصالح لانه عبث ولغو ولهو، و الله منزه عن ذلك، علوا كبيرا، وقد علمت مما سبق أن الآية الكريمة مخصوصة بالمدخول بها للاجماع والاخبار وقوله تعالى ” فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ” لعلها في غير المدخول بها ولغير ذوات الاحمال، فان أجلهن أن يضعن حملهن، فلا معنى لارتكاب النسخ ههنا والقول بأنه نسخ بعضها مع أنه خلاف الاصطلاح ومما لا ضرورة لارتكابه.
الخامسة: واللائى يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائى لم يحضن واولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن(3).
ولما بين عدة المطلقة البين حيضها بقوله تعالى:” ( والمطلقات يتربصن
(1) رواه أبوداود وأحمد كما في مشكاة المصابيح ص 283.
(2) الكافى ج 5 ص 511.
(3) الطلاق: 4.