زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص588
يؤمن بالله واليوم الاخر ذلكم ازكى لكم واطهر والله يعلم وانتم لا تعلمون(1).
يعني إذا طلقتم النساء وانقضت عدتهن فلا تمنعوهن عن التزويج، قيل: المخاطبون هم الازواج الذين يعضلون نساءهم بعد مضي العدة ولا يتركونهن يتزوجن عدوانا وقسرا للحمية الجاهلية بقرينة أن الخطاب كان لهم، فيكون منعا لهم من عضلهم نساءهم، فيكون ” أن ينكحن ” مجرورا بتقدير ” من ” وإطلاق الازواج على الخطاب باعتبار أن يصيروا كذلك لحصول الرضا [ والشرائط ] وقيل هم الاولياء لما روي أنها نزلت في معقل بن يسار حين عضل اخته أن ترجع إلى زوجها باستيناف عقد، وقيل هما معا، وقيل الناس كلهم بمعنى أن لا يوجد فيما بينكم العضل فإنه إذا وجد بينهم وهم راضون به، كانوا كالعاضلين، والعضل: الحبس والمنع و التضييق.
هكذا في التفسيرين، ولا يحتاج إلى ذلك لاحتمال أن يكون الخطاب للناس بمعنى أن ليس لاحد منع المرأة من التزويج بالكفو إذا حصل التراضي بينهما، ولا يحتاج أن يكون باعتبار عضل الولي أو الزوج ورضا غيره به، وعلى تقدير كون سبب النزول ما ذكر لا يلزم كون الخطاب للاولياء خاصة لعموم اللفظ، مع عدم تسليم كون الاخ وليا وليس فيها دلالة عليهما، فعلى التقادير علم عدم دلالتها على منع الولي المرءة عن الزواج بالكفو وعدم استقلالها، وإن قلنا إن الخطاب للولي، والاخ ولي وسبب النزول حق إذ استقلال المرأة بالتزويج لا يستلزم عدم منع أحد لها قسرا وجورا وظلما بل الظاهر أنه على ذلك التقدير يعلم أن ليس للولي منعها بل هي مستقلة.
فقول القاضي: فيكون دليلا على أن المرأة لا تتزوج نفسها إذ لو تمكنت منه لم يكن لعضل الولي معنى، ضعيف، فلا يبعد أن يستدل بها على عدم جواز منع
(1) البقرة: 232.