پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص585

والاعلام أيضا بأنه: اشهدا أني أفعل كذا، وقد صرح فيهما أيضا بذلك.

ثم إن المشهود به هو الطلاق لا الرجعة ولا تركها لهما أيضا، ويؤيده أن المقصود الاصلي هنا ذكر الطلاق، والباقي من توابعه، فتوسطت تلك بين أحكامه، وأن الامر للوجوب، فلا يمكن إرجاعه إلى الرجعة والفرقة كما فعله في الكشاف والقاضي لعدم القائل بذلك، فان أبا حنيفة لم يقل بالوجوب أصلا والشافعي يقول بالوجوب في الرجعة دون الفرقة، وقد صرح به فيهما، بل لا معنى للاشهاد على ترك الرجعة إلا بتأويل من عدم إيفاء حقوقها التي كانت عنده مثل المهر والنفقة، فلعل مرادهما بالفرقة هو الطلاق، وإن كان خلاف الظاهر، ولهذا قال في مجمع البيان قال المفسرون امروا أن يشهدوا عند الطلاق وعند الرجعة شاهدي عدل حتى لا تجحد المرأة المراجعة بعد انقضاء العدة، ولا الرجل الطلاق وما ذكر قولا راجعا إلى الفرقة ورجح ما ذكرناه، لانه مروي عن أهل البيت عليهم السلام فعلى قولهما لا بد من الخروج عن ظاهر الامر، والحمل على الندب على قول أبي حنيفة وعليهما على قول الشافعي.

على أنه قال القاضي وهو ندب كقوله ” وأشهدوا إذا تبايعتم ” وعن الشافعي وجوبه في الرجعة، وقد قال من قبل ” وأشهدوا ذوي عدل منكم ” على الرجعة أو الفرقة، وفيه تعمية وإلغاز لا يفهم للزوم حمل لفظ واحد على معنييه، وهو على تقدير جوازه مجاز، وإن حمل على الاعم فمجاز أيضا مع الاجمال والالغاز، فانه لم يفهم أن المراد مطلق الرجحان فيهما أو في بعض الافراد الوجوب وفى الآخر الندب، وأن كلا منهما في أي قسم، وإخراج الآية عن الظاهر، وحملها على مثل هذا مشكل إلا مع دليل واضح، وليس مجرد القرب والبعد موجبا لذلك، فتأمل.

ويؤيد الوجوب أيضا المبالغة الكثيرة التي وجدت فيما بعد الآية بقوله ” ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ” حيث تدل على أن الاشهاد والاقامة أو جميع الاحكام المتقدمة كما قال القاضي وغيره يتعظ وينتفع به المؤمن، فيشعر بأن من لم يفعل