زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص575
فان الله غني عن العالمين “(1) وإشارة إلى أن من حقهما أن تكونا في الاخلاص والكمال فيه كمثل هاتين المؤمنتين وأن لا تتكلا على أنهما زوجتا رسول الله صلى الله عليه واله فان ذلك الفضل لا ينفعهما إلا مع كونهما مخلصتين، والتعريض بحفصة أرجح لان امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة على رسول الله صلى الله عليه واله.
وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء جدا تدق عن تفطن العالم، وتزل عن تبصره، ونعم ما قال: ولعل فيه تسلية للنبي وغيره من المؤمنين، بأنه لا يستبعد حصول امرأة غير صالحة للنبي وغيره ودخلوها النار مع كون جسدها مباشرة لجسده ووجود الزوجية وهي صريحة في ذلك، والمقصود واضح فافهم وكذا رجاء من يتقرب بتزويجه وزوجيته صلوات الله عليه وآله ولهذا كانت ام حبيبة بنت أبي سفيان اخت معاوية أيضا عنده صلوات الله عليه وآله وهي إحدى زوجاته، وأبوه كان أكبر رؤس الكفار، وصاحب حروبه صلى الله عليه واله واخرى صفية بنت حبي بن أخطب بعد أن أعتقها وقد قتل أبوها على الكفر، واخرى سودة بنت زمعة وكان أبوها مشركا ومات عليه، قيل: وقد زوج رسول الله صلى الله عليه واله ابنتيه(2) قبل البعثة بكافرين يعبدان الاصنام أحدهما عتبة بن أبي لهب والآخر أبوالعاص ومات عتبة على الكفر وأسلم أبوالعاص، فرد إليه زوجته بالنكاح الاول مع أنه صلى الله عليه وآله ما كان في حال من الاحوال مواليا للكفار.
وبالجملة لا ينفع صلاح أحد أحدا من حيث هو، نعم يمكن الشفاعة باذن الله تعالى ولطفه كما أن معصية احد لا يضر أحدا كما مثل له بامرأة فرعون ” وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ”
(1) آل عمران: 134.
(2) قيل هما رقية وزينب كانتا بنتي هالة اخت خديجة ولما مات أبوهما ربيتا في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله فنسبتا إليه كما كانت عادة العرب في نسبة المربى إلى المربى، وهما اللتان تزوجهما عثمان بعد موت زوجيهما، وكان لهما أخ اسمه هند، قتل مع الحسين عليه السلام ويقال له ابن خالة الحسين عليه السلام وما كان ابن خالته وكان ابن خالة أمه عليه السلام، هكذا في كتاب الاستغاثة لابن ميثم، منه رحمه الله، أقول: وفيه كلام.