زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص526
والدليل على أن ” من نسائكم ” قيد للربائب لا لنسائكم ما ثبت في الاصول أن ما يعقب الجمل من الصفة والاستثناء وغيرهما قيد للاخيرة، وظهور كونه قيدا لها وعدم ظهور كونه قيدا للاولى، مع وجود التحريم، وتقييده بلا دليل غير جايز، و مجرد صلاحيته واحتماله له ليس بموجب ذلك وهو ظاهر، وعدم إمكان كونه قيدا لهما إذ يلزم تعليقه بالموضعين، وجعله بالمعنيين البيانية والابتدائية، وهو غير ممكن وإن أمكن استعمال لفظ مشترك بمعنيين مجازا، أو حقيقة لعدم إمكان تعليقه بالموضعين وجعله قيدا لهما في التركيب إلا بالحذف وهو خلاف الاصل والظاهر، والحاصل أنه لا شك في أن تقييد الاولى خلاف الاصل والظاهر، فلا بد له من دليل موجب و ليس في الآية، نعم في بعض الروايات الصحيحة دلالة صريحة على ذلك فلا بد إما تأويله أورده، حيث إنه معارض بمثله وظاهر الآية، أو تقييد الآية وتخصيصها بتلك الاخبار لعدم صحة معارضها من الاخبار وجواز تخصيص القرآن بالخبر الصحيح [ الصريح ] فالمسألة مشكلة، وتمام التفصيل في الكتب الفقهية.
وفي قوله تعالى ” ما كان محمد أبا أحد من رجالكم “(1) أي البلغ من غير أهل البيت فلا يرد أبوته لهم، دلالة على أن ما ثبت بين الاب والولد من تحريم المصاهرة وغيره ليس بمتحقق بينه صلى الله عليه واله وبين امته، بل له حق الابوة وأعظم، نعم ثبت بين زوجاته فقط والمسلمين التحريم بقوله ” وأزواجه أمهاتكم ” وغيره من الاجماع والاخبار حتى لا يحرم بناتهن على المسلمين فليست الامومة أيضا حقيقية بل المراد مجرد التحريم وهو ظاهر، وإلا يلزم التعدي في جميع الافراد وفي قوله ” فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ” دلالة ما على عدم اعتبار مفهوم القيود فافهم.
والظاهر أن المراد بالنساء هو المعقود عليهن مطلقا، فلا يشمل السرية فكأن تحريم امها وبنتها بغير الآية من الاجماع والرواية والقياس، والظاهر أن المراد بالام والربيبة أعم من أن يكون بواسطة أو بغير واسطة فيشمل الجدة وبنت
(1) الاحزاب: 41.