زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص519
وقيل: على عدم جواز أخذ الحر الامة بالعقد مع القدرة على الحرة، كأنه بمفهوم الشرط الذي ثبت حجيته وفيه تأمل، لاحتمال أن يكون المراد المعنى الثاني ولعدم صراحته في الشرط لانه متضمن له، والمفهوم قد يكون معتبرا إذا كان صريحا ولهذا قيد في بعض عبارة الاصوليين بمفهوم ” إن ” ولان المفهوم إنما هو حجة إذا لم يظهر للقيد فائدة غير نفي الحكم عن المسكوت، كما بين في موضعه من الاصول وهنا وجه ظاهر، وهو الترغيب والتحريص على النكاح وعدم الترك بوجه ولو كان بأمة، وإفادة أن الحرة أولى، فلا يترك إلى غيرها مهما أمكن وهو ظاهر.
فالمعنى إن أمكن الفرد الاعلى والافضل وهو نكاح المسلمة الحرة فهو مقدم عقلا وشرعا على تقدير القدرة وإلا فالفرد الضعيف الغير الاولى وهو نكاح الاماء وهو جار في مفهوم الصفة المذكورة أيضا وأيضا سوق الآية مشعر بأن ليس المقصود ذلك فان الظاهر أن المقصود من الآية هو الارشاد، لا الترتيب في الحكم والامر والنهي، ولهذا ما حملت على تعين النكاح الحرة المسلمة مع القدرة، وتعين الامة على تقدير العدم وأيضا لا شكل في عموم ” من ” للحر والعبد، وأنه يجوز نكاح الامة للعبد مع القدرة على الحرة بغير خلاف على الظاهر، ولو كان المفهوم هنا حجة لزم عدم الجواز له أيضا فتأمل.
وبالجملة هذا المفهوم لا يعارض عموم أدلة الجواز مثل ” احل لكم ما وراء ذلكم ” فلا يخرج عنه إلا بدليل أقوى أو مثله، ويؤيده ” والله أعلم بايمانكم ” يعني ما أنتم مكلفون إلا بظاهر الحال، فكل من يظهر الايمان فهو مؤمن ومؤمنة عندكم واحكموا به فنكاحهما جائز، ولستم مؤاخذين بما في نفس الامر فان ذلك لا يعلمه إلا الله، فلا يمكن تكليفكم به، ” بعضكم من بعض ” أي كل منكم من ولد آدم فلا تأبوا نكاح الاماء فان المدار على الجنسية والايمان، وأنتم لا تفاضل بينكم إلا بالايمان وهو أمر غير معلوم إلا لله.
ويؤيد الجواز أيضا بقوله ” فانكحوهن باذن أهلهن ” أي تزوجوا من الفتيات المؤمنات باذن أهلهن وأمر ساداتهن، وفيها دلالة على عدم جواز العقد على الامة