زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص503
غير ضائر كما إذا اشترى من الفقير زكاته، ولكن قالوا يكره أن يتملك ما يتصدق به باختياره، ولا يبعد إخراج هذه عنه للآية فتأمل، وكأنهم حملوا الآية عليه وهو بعيد لا يفهم إلا أن يكون لهم دليل عليه، فتأمل.
وفي مجمع البيان: معناه حطوا عنهم من نجوم الكتابة شيئا، وقيل ردوا عليهم معشر السادة من المال الذي أخذتم منهم شيئا، وهو استحباب، وقيل إيجاب وقال قوم من المفسرين إنه خطاب للمؤمنين بمعونتهم على تخليص رقابهم من الرق ومن قال إنه خطاب للسادة اختلفوا في قدر ما يجب، والاولى قدر ما يعطي فقيل: مقدر بربع المال عن الثوري، وروي ذلك عن علي عليه السلام وقيل ليس فيه تقدير بل يحط عنه شئ، وهو الصحيح للصدق فإنه يصدق الامتثال ويكفي، ويخرج عن العهدة.
ثم إن ظاهر الآية وجوب إعطاء ما يصدق أنه من المال الذي أعطاهم الله ولكن ينبغي أن يكون مما يسمى إعطاء عرفا وينتفع به غالبا، لا مثل فلس واحد فتأمل، وأن المخاطب به هم الموالي والسادة، لا المسلمون كما نقل في الكشاف عن أبي حنيفة أنه على المسلمين، فانه يحصل بالحط، فلا يحتاج إلى الدفع ثم الاخذ، وإن كان رعاية ظاهراللفظ أولى فتأمل.
وفيه آيات
الاولى: وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم(1).
في الكشاف: الايامى واليتامى أصلهما أيايم ويتايم فقلبا، والايم للرجل والمرأة إذا لم يتزوجا بكرين كانا أو ثيبين، والاولى أن يقول من لا زوج لها بكرا أو ثيبا ومن لا امرأة له كما قاله في القاموس.
في مجمع البيان: أحد مفعولي أنكحوا محذوف، والتقدير أنكحوا الايامى الرجال منكم من نسائكم والنساء من رجالكم في الكشاف المراد أن زوجوا من تأيم منكم من الاحرار والحرائر، ومن كان فيه صلاح من غلمانكم وجواريكم، وخص الصالحين لشدة الاهتمام بشأنهم، وللارشاد والترغيب إلى الصلاح، فانهم إن رؤوا مزوجين لصلاحهم رغبوا فيه، ولان ثوابه أكثر، ولانهم في التعب إذ يلاحظون، وأما غيرهم فيعالجون أنفسهم نعوذ بالله بغير التزويج وإن أثموا ويجازوا في الآخرة، في الكشاف: لان الصالحين من الارقاء هم الذين مواليهم يشفقون عليهم، وينزلونهم منزلة الاولاد في الاثرة والمودة، فكانوا مظنة للتوصية بشأنهم، والاهتمام بهم، وتقبل الوصيه فيهم وأما المفسدون منهم فحالهم عند مواليهم على عكس ذلك.
وهذا الامر للندب لما علم أن النكاح أمر مندوب إليه، وقد يكون للوجوب في حق الاولياء عند
(1) النور: 32.