زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص491
وبالجملة المسألة من مشكلات الفن وقوانين استدلالات الاصحاب تقتضي عدم الاشتراط بحكم الحاكم، وأما دقة النظر في الادلة على ما هو المتعارف في غير الفقه، وقطع النظر عن قوانينهم، واكتفاؤهم ببعض المقدمات مثل أن لا قائل بالفرق، وأنه ظاهر في العموم وأن الظاهر عدم الفرق، وأن السفه إذا كان موجبا فحكم الحاكم لا أثر له، فيقتضي الاشتراط، والاحتياط لا يترك إن أمكن.
الثانية: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستون(1).
قد استدل بها على كون المملوك محجورا عليه في جميع تصرفاته، وعدم صحة شئ منها إلا باذن سيده، لكن هذا العموم مخصوص بصحة بعض تصرفاته، مثل طلاق زوجته، ونفوذ إقراره بالمال، ويتبع به بعد عتقه، ويقبل قول المأذون في ضروريات تجارته المأذون فيها.
وكذا على أنه لا يملك شيئا أصلا، سواء كان ملكه مولاه أم لا، لانه نفيت عنه القدرة مطلقا، وليس حقيقة فيكون المراد نفي التملك لانه أقرب المجازات، وفي الاستدلال نظر فان غاية دلالتها على وجود عبد مملوك لا قدرة له على شئ ووجود عبد مملوك قادر على شئ في الجملة، فأين الدلالة على عدم التملك لمملوك أصلا، ولو بغير الاختيار وبتمليك المولى وغيره، فانه يحتمل ذلك أن يكون عاجزا ولا يمكله المولى أو بغير إذن المولى أو الذي لا يضرب له ضريبة وغير ذلك، أو يكون المراد الحجر وعدم صحة التصرف لا عدم الملك فقد يكون مالكا ومحجورا عليه كالصبي فانه يقال للطفل أنه لا يقدر على شئ مع تملكه، بل بين كونه محجورا عليه وغير مالك، تناف في الجملة، فان المتبادر من الاول الملكية إلا أنه ممنوع من التصرف كالصغير والمفلس والسفيه فتأمل.
ثم إنه يدل على التملك قوله تعالى ” وأنكحوا الايامى منكم والصالحين
(1) النحل: 75.