زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص486
الآية(1) ” فظلما ” يحتمل أن يكون حالا أي ظالمين في الاكل، وتميزا أي من جهة الظلم، ويحتمل أن يكون المراد بالاكل التصرف مطلقا كما في قوله تعالى ” ولا تأكلوا الربا ” ” ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ” وغيرهما فان التعبير عن مطلق التصرف بالاكل كثير، ولعل ذكر البطن للتأكيد مثل ” يطير بجناحيه ” ويحتمل أن يكون ظلما للبيان والكشف، فان أكل مال اليتيم إنما يكون ظلما كما في ” يقتلون النبيين بغير الحق ” أو لانه قد يجوز أكل مالهم بالحق مثل الاكل بالمعروف اجرة أو عوضا عن مال الموصي الذي أقرضه إياه أو استقرض من مالهم وإن أمكن تأويله بأن ذلك ماله لا مالهم، لانه يكفي ذلك المقدار لدفع التوهم.
والمراد بأن أكل مال اليتيم أكل النار، يحتمل أن يكون أكلا يوجبها أي آكل مال اليتيم إنما يأكل ما يوجب دخوله النار، أو أن المراد به كناية عن دخول النار، فاذا دخل النار بالكلية فكأن في بطنه نارا، أو أنه يأكل يوم القيامة النار، ويشعر به ما روي عن الباقر عليه السلام أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله يبعث ناس من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواههم نارا، فقيل: يا رسول الله من هؤلآء؟ فقرأ هذه الآية(2).
وسيصلون سعيرا
أي يلزمون النار المشتعلة، ويقاسون حرها يقال: صلى بالامر: قاسى حره، والسعير بمعنى المسعور والسعير اشتعال النار.
ولنتبع هذا البحث بآيتين: الاولى: ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التى جعل الله لكم قياسا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا(3).
(1) النساء: 9.
(2) تفسير العياشى ج 1 ص 225.
(3) النساء: 5.