زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص479
في أموالهم أنفسهم طيب، لان الخبيث والطيب إنما يكون باعتبار العاقبة، و يحتمل أن يكون معناه لا تبدلوا الخبيث بالطيب، أي لا تعطوا الخبيث من أموالكم بالطيب من أموالهم، قيل: كانوا يأخذون الطيب مثل السمين من أموال الايتام، و يخلون بدله الخبيث المهزول من أموالهم، فنهوا عن ذلك، ثم أكد التحريم بعدم جواز أكل أموالهم، ولو كان قليلا أو التصرف مطلقا، ويكون الاكل كناية عنه بانضمام شئ منها إلى أموالكم فيفهم الانفراد بالطريق الاولى، ويحتمل أنه كان الواقع ذلك فنهي عنه، فأكد بأن ذلك الاكل كان ذنبا عظيما، وهذه مخصصة فان أكل مقدار اجرة المثل أو ما يحتاج إليه الوصي لما دل عليه قوله: ” فليأكل بالمعروف ” جايز، وكذا أكل أموالهم بالانضمام مع التخمين، بحيث يعلم عدم أكل زيادة على أموالهم، لما روي أنه لما نزلت هذه الآية كرهوا مخالطة اليتامى فشق ذلك عليهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه واله فأنزل الله سبحانه ” ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ” الآية قال في مجمع البيان وهو المروي عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام فتأمل.
الثانية: وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم ولا تأكلوها اسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فاذا دفعتم اليهم اموالهم فاشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا(1).
الابتلاء هو الاختيار والامتحان وهو هنا تتبع أحوال اليتامى حتى يتبين حالهم من الرشد، فان ثبت يعطوا أموالهم وإلا فيترك حتى يتبين، وقد بينا في شرح الارشاد كون الابتلاء قبل البلوغ أو بعده وظاهر قوله ” فإن آنستم ” الخ كونه بعد البلوغ لانه أوجب الله تعالى دفع الاموال إليهم بعد إيناس الرشد، فلو كان
(1) النساء: 5.