زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص455
والظاهر أن اشتراط السفر وعدم وجدان كاتب لمشروعية الرهن خارج مخرج الغالب، وذكر لما هو الاحوج إليه، إذ الظاهر عدم الخلاف في مشروعيته بدونهما، وما ذكره القاضي بقوله ليس هذا التعليق لاشتراط السفر في الارتهان إلى قوله بل لاقامة التوثيق بالارتهان مقام التوثيق بالكتب في السفر الذي هو مظنة إعوازها مقتصرا للكشاف غير ظاهر، ولعل عدم الكاتب شرط عندهما، وهو بعيد على أن كلامه يدل على مدخلية السفر فتأمل، ويحتمل أن يكون مستحبا حينئذ فقط وإن كان جايزا بالاجماع والخبر.
ثم إن ظاهرها الوجوب، ولكن الظاهر أنه ما ذهب إليه أحد فيحمل على الاستحباب أو الارشاد مثل الكتابة والاشهاد ولا يبعد كون المخاطب بفعله والمرغب فيه المريد من الذي له الحق والذي عليه كما في الكتابة والشهادة إذ نفعه يعمهما ومعنى الرهن والقبض معلوم من كتب الفقه، وكذا سائر الشروط.
فدلت على إباحة الرهن بل كونه مرغوبا أخذا وإعطاء، قيل: وعلى كون القبض شرطا لصحة عقد الرهن وترتب فائدته عليه، قال القاضي: والجمهور على الاشتراط غير مالك، وهو مذهب أكثر الاصحاب، وقال في مجمع البيان: إن لم يقبض لم ينعقد بالاجماع، وكأنه يريد الاكثر أو لم يعتبر المخالف وهو بعيد، إذ الشيخ في الخلاف وموضع من المبسوط والعلامة وابن إدريس وذهبوا إلى عدم الاشتراط، وقال في كنز العرفان: المحققون من الاصحاب عليه(1) وهو أيضا غير واضح.
واعلم أن دلالة الآية بمفهوم الوصف على مذهب الاكثر كما قيل غير ظاهر بل يمكن أن يكون دليل مذهب الاقل إلا أن يكون الوصف للبيان كما يدل عليه رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال لا يرهن إلا مقبوضا(2) وإن كان فيه محمد بن قيس المشترك بين العدل وغيره ولكن الظاهر من فتوى الاكثر به مع عدم جواز الفتوى بخبر غير العدل أنه هو العدل فتأمل فيه.
(1) كنز العرفان ج 2 ص 60.
(2) التهذيب ج 2 ص 166.