زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص453
أي إن تصرفوا المال حسبما أمر الله به صرفا حسنا مقرونا بالاخلاص، وطيب النفس، من غير أن يتبعه منة وأذى يضاعفه لكم بالاجر العظيم والثواب الجزيل حتى روي بالواحد عشرا إلى سبعمائة، والاختلاف بسبب النية واستحقاق المنفق عليه وصلاحه وعلمه وقرابته وغير ذلك، فيحتمل كون المراد قرضا عرفيا فيكون دليل استحبابه بخصوصه والعموم فيكون دليلا عليه، وعلى جميع الاحسان مثل كشف الكرب عن المسلم، وقضاء حاجته، وإدخال السرور عليه، وما يدل عليه في الكتاب والسنة كثير جدا ويدل عليه العقل أيضا.
وفيه آية واحدة وهي: وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فان امن بعضكم بعضا فليؤد الذى اؤتمن امانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه والله بما تعملون عليم(1).
يعني إن كنتم أيها المتعاملون بالدين المؤجل – بقرينة ولم تجدوا كاتبا فان الكتابة إنما كانت فيه ويحتمل في مطلق المتعاملين بالدين، وقال في مجمع البيان أيها المتداينون المتبايعون والتخصيص غير سديد ويكون ” ولم تجدوا ” الخ إشارة إلى شرط جريان الرهن في جميع أنواع الدين فانه لو وجد لم يحتج في المؤجل إليه أو يكون إشارة إلى جريان الكتابة في مطلق الدين.
على سفر
أي ثابتين في السفر فهو خبر ” كنتم ” أي إن كنتم مسافرين ولم يكن معكم من يكتب لكم ولا يشهد أيضا، ذكره في مجمع البيان كأنه يريد أن الله أشار بقوله ” ولم تجدوا كاتبا ” إلى فقد ما يوثق به الذي مر فيما سبق، وهو الكتابة والشهادة، فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر، وهذا تكلف ما يحتاج إليه مع أنه يزيد شرط آخر للرهن مع أنه ليس كذلك بالاتفاق على الظاهر ” فرهان مقبوضة ” أي فالوثاق بينكم برهان مقبوضة، أو فالذي يوثق به رهان، أو فليؤخذ رهان، أو فعليكم رهان أو فرهان مقبوضة يقوم مقامه، ويصح كونه مبتدأ لكونه موصوفا، والرهان جمع رهن بمعنى المرهون وكذا الرهن بالضم وهو ما يوثق به
(1) البقرة: 283.