پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص434

فاعلم أن في الآية التي بعدها تأكيدا لامر تحريم الربا بأنه يمحقه الله أي ينقصه ويذهب بركته في العاجل، ويعاقب عليه في الآجل، وأنه يكثر الصدقة و يعطيها البركة وينميها ويزيدها، بأن يثمر المال في العاجل، روي أنه ما نقصت الزكاة عن مال قط أي ما نقص شئ من مال اخرجت عنه قط إلا أعطاء الله البركة فيه ويثيب فاعلها في الآجل حتى أنه عبر عن فاعل الربا بالكفار الاثيم أي المصر على تحريم ما حرمه الله والمهمك في ارتكابه، وفي التي بعدها دلالة على كون الصلاة والزكاة وسائر الاعمال الصالحة موجبة للاجر العظيم وعدم الخوف والحزن على فاعلمها.

وبالجملة تحريم الربا معلوم من الدين ضرورة، وقد يعلم من بعض الآيات الاخر.

الثالثة: يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون(1).

أي اتركوا البقايا التي شرطتم على الناس وهي الربا – فمن بيانية أو متعلق ببقي، فتكون ابتدائية أو تبعيضية، والاول أولى – إن صدقتم تحريمه فإن العلم يمنع من العمل المحرم إذا كان يقينا كما هو مقتضى العقل فإن من يفعل المحرم فكأنه جاهل غير مصدق، إذ العلم الذي لا يعمل بمقتضاه هو والجهل سواء وهذه مبالغة مشهورة في إفادة منع العالم عن خلاف ما يقتضي علمه، فتقييد الترك بالايمان يكون لذلك، أو يكون على ظاهره، أي يجب عليكم ترك ما بقي من الربا بعد علمكم بالتحريم فالذي فعلتم وأخذتم قبل العلم لا يجب رده إلى صاحبه كما فهم من قوله ” وله ما سلف “.

قيل: روي أنه كان لثقيف مال على بعض قريش فطالبوه عند المحل بالمال


(1) البقرة: 278 و 279.