زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص408
وأنا راض عنه فلان، ويكون توبيخا بأن غيرهم ليسوا كذلك، فعباد الله الذين هم عباده وهو عنهم راض هم المذكورون والموصوفون بالصفات المذكورة، منها المشي على الارض هونا: هينين، فيكون حالا أو مشيا هينا، فصفة مفعول مطلق محذوف وهو السكينة والوقار والتواضع، قال أبوعبدالله عليه السلام هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتبختر، وقيل معناه علماء حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم عن الحسن وقيل أعفاء أتقياء عن الضحاك، والهون الرفق و اللين، ومنه الحديث أحبب حبيبك هونا ما وقوله صلى الله عليه وآله المؤمنون هينون لينون، و المثل إذا عز أخوك فهم ومعناه إذا عاسر فياسره، والمعنى أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع ولا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الاسواق ولقوله ” ويمشون في الاسواق “(1) كذا في الكشاف، فيدل على مرجوحية التبختر وغيره مما ينافي الهون بالمفهوم، بل هو حرام على بعض الوجوه لما تقدم ” ولا تمش في الارض مرحا “(2).
ومنها ” وإذا خاطبهم الجاهلون ” بما يكرهونه أو يثقل عليهم ” قالوا ” في جوابهم ” سلاما ” سدادا من القول لا يقابلونهم بمثل قولهم من الفحش، وقيل: قولا يسلمون فيه عن الاثم والايذاء أو تسلما منكم ومتاركة لكم لا خير بيننا ولا شر ولا نجاهلكم ونتسلم منكم تسلما فاقيم ذلك السلام مقام التسليم ولا ينافيه آية القتال لتنسخه فان المراد هو الاغضاء عن السفهاء وترك مقابلتهم في الكلام، والمراد بالجهل هنا السفه وقلة الادب، وسوء الرعة، فيدل على مرجوحية مقابلة الجاهل بالجهل.
ومنها ” والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ” في الكشاف البيتوتة خلاف الظلول، وهو أن يدركك الليل نمت أو لم تنم، وقالوا من قرأ شيئا من القرآن في صلوته وإن قل فقد بات ساجدا وقائما، وفيه إبهام وبعد، والقائلون غير ظاهرين ثم قال: وقيل هما الركعتان بعد المغرب، والركعتان بعد العشاء، و الظاهر أنه وصف لهم باحياء الليل كله أو أكثره، يقال فلان يظل صائما ويبيت
(1) الفرقان: 20.
(2) أسرى: 37.