زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص395
يبلغ رشده أي يبلغ ويرشد، وقيل حتى يبلغ ويصير بالغا، وهو جمع شدة كنعمة وأنعم، والاول أولى، لان الظاهر أنه غاية النهي للتصرف، ولو كان باذنه، إلا أن يكون باذن الولى ومعلوم أنه بعد مجرد البلوغ لم ينته المنع عن التصرف و إن كان باذنه أيضا لعدم الرشد فالتصرف في ماله مطلقا باذنه وبدونه حرام إلى أن يرشد ويبلغ.
وتدل أيضا على جواز التصرف في ماله إن كان أحسن، فلو كان عند الانسان ما يتلف من ماله يجوز حفظه بأي نوع كان، وإذا خيف تلفه يجوز بيعه وإقراضه من ملي أمين مع الشهود والرهن إن لم يوجد أحسن منه، وأن يوجر عقاره، وأن يعمر ويحفظ عن الخراب ونحو ذلك، ويدل عليه الاخبار أيضا، ولهذا قال الفقهاء بذلك، وجوزوا كون بعض العدول بمنزلة الوصي على تقدير عدمه، بأن يجعله الحاكم وصيا له في ذلك، وإذا لم يكن الحاكم، له أن يفعل ذلك، وبالجملة الولي مقدم، فان لم يكن فالوصي فالحاكم فالعدل، فيمكن جواز الشراء منه وتسليم الثمن إليه ونحو ذلك، وجعله بمنزلة الوصي قتأمل.
وأما من كان في يده ماله فبالنسبة إليه يمكن كفاية كونه أمينا موثوقا بنفسه بل مطلقا في حفظه وما هو يقينا أحسن من عدمه لعموم الآية، ويؤيده تكرار هذه الآية في القرآن العزيز، وموافقته للعقل، ووجدانه حسنه والاحتياط لا يترك.
ويدل عليه أيضا الآيات التي في بيان حكاية الخضر وموسى عليهما السلام حيث دلت على التصرف بغير الاذن، مثل خرق السفينة، وإقامة الجدار، ونحو ذلك وسوق الجواب يدل على عدم اختصاص ذلك بدين دون آخر وهو ظاهر، ويؤيده العقل وحينئذ لا يبعد جواز التصرف في ماله غير اليتيم أيضا إذا كان أحسن بأن كان مجنونا أو غائبا ويتلف ماله ويخرب عقاره إن لم تؤجر، فيوجرها بعض العدول، وكذا دوابه وبعض آلاته التي تتلف يقينا أو ينقص، بحيث يجزم كل عاقل أن بيعه أو إجارته أحسن ويرضى به مالكه العاقل، كما أن الله تعالى يوصل ضررا بالعبد لمرض ونحوه مع تعيين عوض يرضى به كل عاقل، ويؤيده كونه