زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص380
فما كلمه أبي مقتا له حتى فارق الدنيا(1).
ويدل على تحريم العقوق ما يدل على تحريم قطع الرحم، وهو ظاهر، بل يدل العقل أيضا عليه، وبالجملة العقل والنقل يدلان على تحريم العقوق، ويفهم وجوب متابعة الوالدين وطاعتهما من الآيات والاخبار المتقدمة وصرح به بعض العلماء أيضا، قال في مجمع البيان ” وبالوالدين إحسانا ” أي قضى بالوالدين إحسانا أو أوصى بالوالدين إحسانا، ومعناهما واحد، وخص الحال الكبر، وإن كان الواجب طاعة الوالدين على كل حال، لان الحاجة أكثر في تلك الحال.
وقال الفقهاء في كتبهم: وللابوين منع الولد عن الغزو والجهاد، ما لم يتعين عليه بتعيين الامام، أو لهجوم الكفار على المسلمين مع ضعفهم، وبعضهم ألحقوا الجدين بهما، قال في شرح الشرايع: وكما يعتبر إذنهما في الجهاد يعتبر في سائر الاسفار المباحة والمندوبة والواجبة الكفائية، مع قيام من فيه الكفاية، فالسفر لطلب العلم إن كان لمعرفة العلم العيني كاثبات الواجب تعالى وما يجب له ويمتنع، و النبوة والامامة.
والمعاد، لم يفتقر إلى إذنهما، وإن كان لتحصيل الزائد منه على الفرض العيني كدفع الشبهات، وإقامة البراهين المروجة للدين، زيادة على الواجب كان فرضا كفاية فحكمه وحكم السفر إلى أمثاله من العلوم الكفائية كطلب التفقه أنه إن كان هناك قائم بفرض الكفاية، أشترط إذنهما، وهذا في زماننا فرض بعيد فان فرض الكفاية في التفقه لا يكاد يسقط مع وجود مائة فقيه مجتهد في العالم، و إن كان السفر إلى غيره من العلوم المادية مع عدم وجوبها توقف على إذنهما، و إن كان هذا كله إذا لم يجد في بلده من يعلمه ما يحتاج إليه بحيث لا يجد في السفر زيادة يعتد بها لفراغ باله أو جودة استاد بحيث يسبق إلى بلوغ الدرجة التي يجب تحصيلها سبقا معتدا به، وإلا اعتبر إذنهما أيضا.
ومنه يعلم وجوب متابعتهما حتى يجب عليه ترك الواجب الكفائي، ولكن هذا مخصوص بالسفر، فيحتمل أن يكون غيره كذلك، إذا اشتمل على مشقة.
(1) الكافي ج 2 ص 348 باب العقوق.