زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص372
على أن القرينة لا تقابل بالاذن وغالبا لا تفيد العلم، ولا استعباد في الشرع من إذن الشارع مع عدم العلم برضا الصاحب، لاحتمال كون القرابة والصداقة موجبة لذلك، وأبعد من ذلك احتجاج الحنفية فانه لا دلالة في هذه الآية على ذلك أصلا ولو كانت فيها دلالة فتكون فيمن تضمنته الآية لا في المحرم فتأمل.
جميعا أو أشتاتا
أي لا بأس في الاكل مجتمعين ومتفرقين، قيل: نزلت في بني ليث بن عمرو بن كنانة كانوا يتحرجون أن يأكل الرجل وحده، فربما قعد منتظرا نهاره إلى الليل، فان لم يجد من يؤاكله أكل ضرورة، وقيل في قوم من الانصار كانوا إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون إلا مع ضيفهم، وقيل تحرجوا عن الاجتماع على الطعام، لاختلاف الناس في الاكل، وزيادة بعضهم على بعض، وفي مجمع البيان: معناه لا بأس بأن يأكل الغني من الفقير في بيته، فان الغنى كان يدخل على الفقير من ذوي قرابته أو صداقته فيدعوه إلى طعامه فيتحرج.
ويعلم من هذه الوجوه أن ليس المقصود الاكل من بيوت المذكورين جميعا أو أشتاتا كما هو ظاهر الآية فدلت على جواز الاكل وحده، بل عدم شئ فيه، فما نقل في الاخبار أن من الملعونين من يأكل زاده وحده، يمكن أن يكون معناه لا يعطي منه المحتاجين ما يسد رمقهم أو يكون عدم الاعطاء من جميع الزاد مكروها أو الاكل وحده مكروها، وذكر اللعن للمبالغة كالنائم وحده، والآية يكون للجواز فقط.
ثم اعلم أنه قد قال في مجمع البيان: اختلفوا في تأويل ” ليس على الاعمى حرج ” على معان أحدها أن المعنى ليس عليكم في مؤاكلتهم حرج، لانهم كانوا يتحرجون من ذلك، ويقولون الاعمى لا يبصر فيأكل جيد الطعام، والاعرج لا يتمكن من الجلوس وأكل ما يريد، وكذا المريض الضعيف وثانيها أن المسلمين اذا غزو اخلفوا هؤلاء في بيوتهم ويعطوهم المفاتيح ويحلون لهم الاكل وهم يتحرجون منه، وثالثها أن المؤمنين كانوا يذهبون بهؤلاء إلى بيوت أزواجهم وأقاربهم المذكورين فيطعمونهم، وكانوا يتحرجون عن ذلك، وقد يتخيل المؤمنون أيضا الحرج في