زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص370
كالحائط أو الماشية اللتين هما تحت يد الوكيل والحافظ والراعي، ولهذا حذف البيت فيجوز الاكل لهم، وقيل إذا ملك الانسان المفتاح فهو خازن فلا بأس أن يطعم الشئ اليسير.
أو صديقكم
أي أصدقائكم والصديق يكون واحدا وجمعا [ وكذلك الخليط والعدو ] والصديق هو الذي صدق في مودته، وقيل هو الذي يوافق باطنه باطنك كما وافق ظاهر ظاهرك، وقال أبوعبدالله عليه السلام: هو والله الرجل في بيت صديقه فيأكل طعامه بغير إذنه، وروي أن صديقا للربيع بن خثيم دخل منزله وأكل من طعامه فلما عاد الربيع إلى المنزل أخبرته جاريته بذلك فقال إن كنت صادقة فأنت حرة وفي الكشاف عن الحسن وجدنا كبراء الصحابة ومن لقيتهم من البدريين، و كان الرجل منهم يدخل دار صديقه وهو غائب فيسأل جاريته كيسه فيأخذ ما شاء فاذا حضر مولاه فأخبرته أعتقها سرورا بذلك، وعن جعفر بن محمد كرم الله وجههما: من عظم حرمة الصديق أن جعله الله من الانس والثقة والانبساط وطرح الحشمة بمنزلة النفس والاب والاخ والابن ولعل ذكر الابن إشارة إلى دخوله في الآية إما في ” بيوتكم ” أو بمفهوم الموافقة.
ثم قال: وقالوا إذا دل ظاهر الحال على رضا المالك قام ذلك مقام الاذن الصريح، وربما سمج(1) الاستيذان وثقل، كمن قدم إليه طعام فأستأذن صاحبه في الاكل منه.
فيه إشارة إلى سبب جواز الاكل مع عدم جواز التصرف في مال الغير بغير إذنه عقلا ونقلا، وهو حصول الرضا بقرينة الابوة وغيرها، وهذا المقدار قد يفيد علما بالرضا وذلك كاف، مع أنه قد يقال يكفي الظن بل لا يحتاج إليه، فان الله قد جوزه وهو السبب فتأمل وقال في مجمع البيان: هذه الرخصة في أكل مال القرابات، وهم لا يعلمون ذلك كالرخصة لمن دخل حائطا وهو جايع، أن يصيب من ثمره، أو مر في سفره بغنم وهو عطشان أن يشرب من لبنه توسعة منه على عباده، ولطفا لهم ورغبة لهم عن دناءة الاخلاص وضيق العطش وقال الجبائي: إن الآية منسوخة بقوله تعالى
(1) قبح خ ل، وهما بمعنى واحد