زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص363
بالجر، مع كونها متواترة كما فعله في الكشاف والقاضي ويرتكب التمحلات البعيدة، مثل ضرورة الشعر، وتقدير حرف الجر إذ لا تعمل مقدرة كما صرح به الرضي على أنه يصير النزاع لفظيا، وهو ظاهر، والتقدير لغوا بحسب المعنى ولم يثبت المنع اللفظي وقول صلى الله عليه وآله مشهور مستفيض بحيث لا يمكن إنكاره في الاخبار وكلام الاصحاب.
وفي الآية دلالة على إباحة السكنى في الارض مطلقا بل التصرف فيها مطلقا حتى يمنع بدليل وعلى أن خلق الامور والاشياء الموزونة أي المقدرة بقدر تقتضيه المصلحة للانسان، وإباحة كل ما خلق لهم كما دل عليه العقل أيضا، نعم قد يحرم بعضه لدليل عقلي بأن يكون ضارا مثل السموم المخلوق لغرض آخر للانسان أو نقلي آية أو خبر أو إجماع دال على تحريم بعض الاشياء كالميتة والدم ولحم الخنزير، وعلى إباحة أكل ما نبت، وشرب وركوب ما يصلح لهما وسائر الانتفاعات إلا أن يخرج بدليل فتأمل.
وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم
(1) قيل: المعنى وما من شئ ينتفع به العباد إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه، و الانعام به، وما نعطيه إلا بمقدار معلوم نعلم أنه مصلحة، فضرب الخزائن مثلا لاقتداره على كل مقدور، ففيها دلالة على أن المخلوقات مباحة للانسان، فالاشياء مباحة في الاصل عقلا ونقلا وهو ظاهر.
الثانية: يا ايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين(2).
قال في مجمع البيان: الاكل هو البلع عن مضغ، وبلغ الذهب والفضة واللؤلؤ وما أشبهه ليس بأكل، والحلال هو الجائز من أفعال العباد ” وطيبا ” يعني طاهرا من كل شبهة، وفي الكشاف تستطيبه الشهوة المستقيمة، وفي القاضي: هو
(1) الحجر: 21.
(2) البقرة: 168.