پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص356

فالتقدير: ووصينا الانسان بنا وبالولدين ثم فسره بقوله ” أن اشكر لي ولوالديك ” فأن مفسرة فان المعنى وأمرنا الانسان بي وبوالديه أي قلنا له: اشكر لي ولوالديك ففيه مبالغة زائدة وبالوالدين لا يمكن فوق ذلك بأن جعل الوصية إليهما وصية إليه وشكر شكرهما، وغير ذلك، وأكد ذلك خصوصا جانب الام لكثرة حقوقها و مشقتها، بقوله ” حملته امه وهنا على وهن ” وهي جملة حالية مقدرة، وعطف عليه ” وفصاله في عامين ” أي ضعفا على ضعف أو ثقلا على ثقل، فان الحمل كلما يزداد زيادة يزداد ثقل وضعفا، وكذا رضاعه طول الحولين فانه موجب لمشقة زائدة مع حضانته في تلك المدة.

ومعنى ” فصاله في عامين ” أي فطامه في انقضاء الحولين وبعد مضيهما، فيدل على أن الحولين غاية الرضاع ولا يكون رضاع فوقهما، فلا يكون محرما أيضا، و لكن جوز الاصحاب رضاع شهر أو شهرين بعدهما للاخبار أو الاجماع والاحتياط في الاول، ويمكن حمل ذلك الضرورة، نعم يحتمل الاقل لقوله ” والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة “(1) ثم أكد المبالغة في ذلك بالوعيد بقوله ” وإلي المصير ” أي مرجع المطيع والشاكر لي ولهما، والعاصي وكافر النعمة والعاق لهما، إلي، فأجازي كلا بعمله، وبما يستحقه.

ثم بالغ مرة اخرى بما هو بمنزلة الاستثناء أي تطعهما إلا في الكفر حيث قال ” فان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ” أي إن بذلا جهدك في أن تعبد غيري وتشارك معي معبودا غيري فلا تطعهما في ذلك، فان ذلك طاعة فيما ليس لك به علم، فان العلم به محال، فأنه محال، فأشار إلى نفيه بنفي العلم، وفيه إشارة إلى وجوب متابعة العلم، وعدم متابعة غيره، يعني لو كان له علم في ثبوت الشريك لكان جائزا ويجب عليكم تبعية الوالدين في ذلك، فكيف غيره، ولكن ذلك محال، وأكده مرة اخرى بعده بقوله ” وصاحبهما في الدنيا معروفا ” يعني مع كونهما كافرين وجاهدا في كفرك، لا تترك الاحسان معهما، بل


(1): 233.