زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص346
الاوثان دون الله كما قال في الكشاف وتفسير القاضي فان سبب الورود ليس بمخصص بل المدار والاعتماد على ظاهر اللفظ كما هو الحق المثبت في الاصول ولا شك في عموم اللفظ وأن العالم والافضل يهدي بنفسه، بل ظاهر ” أن يهدى ” أنها في غير الاوثان لعدم قابليتها للهداية، وهو ظاهر، فيمكن أن يستخرج عدم جواز الاجتهاد للنبي والامام، حيث يقدران على تحصيل العلم من الله، وكذا عدم الاجتهاد لمن يقدر على الاخذ بالعلم منهما، بل عدم جواز الاخذ بالظن مطلقا مع القدرة على العلم.
ويدل عليه ” وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا “(1) قال في الكشاف: المراد بالاكثر جميع الكفار المذكورين سابقا قاله في تفسير القاضي أيضا وقال فيه أيضا: أو المراد من ينتمي منهم إلى تميز ونظر ولم يكتف بالتقليد الصرف، وفيهما تأمل إذ إطلاق الاكثر على الجميع بعيد، و لابد للكل ظن بل الذي يقنع بمحض التقليد يجزم بذلك فكان المراد غير القليل الذي هو نادر جدا ولا اعتداد به أصلا، ووجوده وعدمه سواء، أو أن للبعض جزما إلا أن ذلك أقبح إذ الجزم بمعلوم البطلان ومن غير دليل باطل، إلا أنه يمكن أن يراد أن الاكثر يظهرون العلم والاعتقاد مع أن ليس لهم إلا الظن، أو أن المراد بطريق الاجتهاد والاقيسة الباطلة، فان الكل وإن كان لهم ظن لكنه ليس من اجتهاد وقياس، وتأمل ونظر، بل مجرد تقليد الآباء، وكأنه مراد القاضي.
وقد يتوهم من ظاهر الآية أنها تدل على المنع من العمل بالظن واتباعه مطلقا لظاهر قوله ” إن الظن لا يغني ” فان المتبادر منه عمومه وإن كان مفردا محلى باللام، وليس للعموم على الظاهر، وإن كان الكلام مع الكفار بالنسبة إلى المعتقدات، بل اصول الدين، ودفع الظن في مثل ذلك، فلا يجوز العمل والتعويل عليه إلا مع دليل أقوى أو مساو دلالة على الجواز من دلالتها على المنع، كما ثبت
(1) يونس: 36.