پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص341

والنسيان فلا يجوزونهما عليهم فيما يؤدونه عن الله تعالى وأما ما سواه فقد جوزوا عليهم أن ينسوه ويسهو عنه، ما لم يؤد ذلك إلى إخلال بالعقل، وكيف لا يكون كذلك وقد جوزوا عليهم النوم والاغماء، وهما من قبيل السهو، وهذا يدل على عدم الخلاف في ذلك عند الامامية فتأمل فيه و ” حتى ” ههنا أيضا يحتمل ما قلناه فتأمل.

فالمراد بالخوض في الآيات الكفر بها والاستهزاء بها كما بين، فهاتان الآيتان تدلان على اجتناب الكفار حال كفرهم بل الفساق حال فسقهم، لانهم ما صرحوا بأن [ المراد من ] ” الذين ” هم الكفار بل الذين يخوضون في الآيات بما لا يجوز، فهو قد يكون فسقا فقط، وإن كان ظاهر الآية الاولى يدل على أنه الكفر فتأمل.

إن تبدوا

(1) أي تظهروا ” خيرا ” أي حسنا جميلا من القول والفعل بالنسبة إلى من أحسن إليكم بل أعم ” أو تخفوه ” أي تفعلوا ذلك سرا وخفية ” أو تعفوا عن سوء ” أي تصفحوا عمن أساء إليكم مع القدرة على الانتقام، ولا تجهروا له بالقول بالسوء، ولا بأدنى من ذلك وأقوى ” فان الله كان عفوا قديرا ” صفوحا مع القدرة على المكافاة، فانه يعفو مع ذلك ذنوبا كثيرة، فأنتم محتاجون إلى العفو فينبغي أن تفعلوا ذلك بالطريق الاولى لانكم إن عفوتم عفيتم وإن رحمتم رحمتم وهو ظاهر عقلا وشرعا، وحذف جزاء ” إن تبدوا ” واقيم مقامه ما يفهم منه ذلك مع وضوحه والتعليل، ففيها حث للمظلوم على العفو بعدما رخص له في الانتقام حملا على مكارم الاخلاق كما أشرنا إليه.

يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسوء‌كم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدلكم(2)

الشرطيتان صفتان لاشياء، قيل: أي لا تكثروا مسألة رسول الله صلى الله عليه وآله عن تكاليف شاقة عليكم إن أفتاكم بها يغمكم كما سيجئ في حكاية سراقة، وإن تسألوا عنها في زمان الوحي وما دام الرسول بين أظهركم تبدلكم تلك التكاليف الشاقة، فتؤمرون بها فتعرضون أنفسكم لغضب الله بالتفريط


(1) النساء: 149.

(2) المائدة: 101.