پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص337

للمؤمنين لعدم القول بالوجوب على الظاهر لانه ما كان واجبا عليه أيضا ويحتمل الوجوب، وكذا البحث عن الاستغفار والمشاورة، ولهذا عفى يعقوب ويوسف على نبينا وآله وعليهما السلام عن إخوته واستغفروا لهم، وكأنه يريد بنهيهم عن الفظاظة التحريم، فانه على من لا يستحقه حرام لحصول الاذى المحرم، وعدم حصول الغرض المطلوب إذا كان معلما أو آمرا أو ناهيا، وبدعاهم إلى التوكل: الوجوب بالمعنى المتقدم أو الاستحباب بالنسبة إلى بعض الافراد فتأمل، فان من تأمل هذه الآية مع ما تقدم من آية كظم الغيظ، يفهم أن حسن الخلق والمداراة مع خلق الله خصوصا عن الرؤساء والعمداء، الذين يريدون إرشاد الناس في مرتبة عظيمة، لا يصل إليها إلا من وفقه الله.

وأشار في مجمع البيان إلى المعنى الاول في تفسير الآية التي بعد هذه وهي ” إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ” لما أمر الله سبحانه نبيه عليه وآله السلام بالتوكل، بين معنى وجوب التوكل عليه فقال ” إن ينصركم الله ” على من ناواكم فلا يقدر على غلبتكم، وإن كثر من ناواكم، وقل عددكم ” وإن يخذلكم ” أي يمنعكم معونته ويخلي بينكم وبين أعدائكم لمعصيتكم إياه فلا يقدر أحد على نصركم، والهاء عائدة إلى اسم الله على الظاهر والمعنى على حذف المضاف أي من بعد خذلان الله والظاهر أنه لا يحتاج إلى حذفه، كما قال في الكشاف ” من بعده ” أي من بعد خذلانه أو هو من قولك ليس لك من يحسن إليك من بعد فلان، تريد إذا جاوزته ويحتمل أن يكون المراد بالتوكل على الله الاتكال عليه، وتفويض الامر إليه بمعنى ترك العمل والاستعانة بغيره في الامور، ولكن لا كله بل بعد فعل ما ورد الشرع به مثل الهرب من العدو مهما أمكن إذا ظن أو علم هلاكه أو ضرره، ثم الاتكال عليه في الباقي بمعنى عدم استعمال شئ فاذا خاف عدوا لا ينقطع إلى غير الله ولا يسأل أحدا شيئا من الرزق إذا لم يجب، ولا يتضرع للاغنياء والسلاطين طمعا من دفع الضرر الموهوم، والنفع الغير الواجب، ولكن وجوبه شرعا بهذا المعنى