زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص332
من الذنب كمن لا ذنب له كما ورد به الاخبار فيكون عدلا بمجرد التوبة، فتقبل شهادته بعدها بلا فصل، لانه قرين المتقين وعطف عليه، بل يحتمل كونه نفسه كما قلناه، ولانه يبعد رد شهادة من شهد له تعالى بالمغفرة وما بعدها فتأمل ولا يحتاج إلى ضم العمل الصالح، الذي هو مذكور في بعض الآيات بعد التوبة، و مذكور في بعض الكتب أيضا مع عدم ظهور معناه، فقول الشيخ قدس سره ” تب أقبل شهادتك ” غير بعيد، إلا أن تعريف العدالة بالملكة لا يساعده فان تحقق ذلك بمجرد التوبة مشكل، بعد العلم بعدمها، فيحتمل كون العمل الصالح إشارة إلى تحققها فتأمل، ويحتمل الدوام على التوبة، وعدم الاصرار على الذنب وإرادة عمل مطلق أي عمل كان، مثل تصدق فلس أو صلاة على النبي صلى الله عليه وآله.
واعلم أن الظاهر أنه لو فعل أحد صغيرة ثم انتهى عنها لم يخرج عن العدالة ولا يحتاج معاشرته والخروج عن نهي المنكر إلى العلم بتوبته ولا يكلف بذلك على ما ذكرناه من معنى الاصرار والمعنى الاول الذي نقلناه عنهم، بخلاف الثاني فان العزم والعود مرة اخرى شرط في وجوب التوبة وصيرورتها كبيرة، والاصل عدمه بخلاف عدم التوبة فان الاصل تحققه ويؤيده أنه لم ينقل تكليف فاعل المعصية بها بعد نهيه أو انتهائه عنها، لا فعلا ولا قولا من العلماء والفقهاء، بل ظاهر كلامهم أنه لا يجوز نهيه، بل ذكر أنه فعل ذنبا بعد الانتهاء وهو كذلك لانه ذكر فاحشة وتشنيعها غيبة له نعم يمكن المنع، وإظهار عدم العود على مثله لو علم منه العزم على ذلك إما لجهله بأنه معصية، أو علمه مع عدم المبالاة بفعل أمثاله، وأن الترك ليس لكونه منتهيا عنه، بل عدم الباعث ونحوه.
والظاهر أنه يحتاج إلى التوبة فعل الكبيرة فمجرد نهيه وانتهائه عن القبيح لا يكفي حتى يعلم التوبة والندامة، ولو لم يعلم لم يسقط وجوب الامر والنهي بدونها، ولكن ينبغي الملاحظة التامة في نهيه، بحيث لا يحصل له الاذى من غير استحقاق، وقصد التقرب والاخلاص، لا تشهي النفس والعمل بهواها كما هو معتبر في سائر العبادات والاعمال.