زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص329
والذين ” إما عطف على المتقين كما قالوه(1) أو على ما عطف عليه مثل الكاظمين فمعناه أن الجنة اعدت للمتقين وللذين الخ فتكون معدة للمتقين و التائبين وهم يكونون الغرض الاصلي من خلق الجنة، فلا ينافي كونها لغيرهما أيضا بالتبع كما أن النار معدة للكفار ويدخلها الفساق أيضا.
فقول الكشاف ” وفي هذه الآية بيان قاطع أن الذين آمنوا على ثلاث طبقات متقون وتائبون ومصرون، وأن الجنة للمتقين والتائبين منهم دون المصرين فمن خالف في ذلك فقد كابر عقله وعاند ربه ” باطل، لما قلناه، ولغيره مما يدل على دخول غيرهما فيها من الآيات، مثل ما يدل على العفو والتفضل والاحسان و المغفرة لمن يشاء، ومن عمل صالحا يجز به وسائر ما يدل على وجوب اتصال ثواب العمل إلى صاحبه، وأن الايمان موجب لدخول الجنة، وللاخبار العامة والخاصة ولانه يلزم خلود النار من فعل ذنبا واحدا آخر عمره، ولم يتب، وهو بعيد جدا وان ما ذكره مبني على أن كل ذنب كفر ومحبط لما قبله، وهما باطلان ولان ظاهر قوله تعالى ” اولئك جزاؤهم ” كالصريح في أن ذلك جزاء عملهم.
فدلت على أن الجزاء وأجر العمل الموجب لدخولها مخصوصة بهما، فلا تدل على عدم دخول غيرهما تفضلا وإحسانا وعفوا وكظما للغيظ التي هي محبوبة لله تعالى ويحرض عليها عباده، فيبعد أن يمنع نفسه هذه الصفات الكاملة مع ترغيبه العبد الضعيف الذي الانتقام كالخلق والطبع له، على أن ليس الدلالة إلا بمفهوم ضعيف كما بين في الاصول، ولهذا قال سبحانه تعالى في سورة الحديد ” سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله(2) “.
فعلم أن ذكر المتقي للاهتمام أو غير لا للحصر، وأنه يبقى قسم آخر، و
(1) يعنى الطبرسي في مجمع البيان، القاضي في أنوار التنزيل، الزمخشري في الكشاف.
(2) الحديد: 21.