زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص324
ألا أبلغ معوية بن حرب ********** أمير الظالمين نثا كلامي
بأنا صابرون فمنظروكم ****** إلى يوم التغابن والخصام
ومنها(1) ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم “(2) أي إلى العبادات التي هي موجبة لمغفرة عظيمة من ربكم، وموجبة لدخول دار المتقين والمنفقين والمحسنين أخلاقهم ” وجنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين ** الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ” يفهم أفضلية الصلاة وسائر العبادات في أول أوقاتها والمسارعة إليها من غير تهاون وكسل، إلا ما استثني لدليل مثل تأخير العشائين إلى المزدلفة كما هو المسطور في محاله.
ويستفاد منها أن الغرض الاصلي من بناء الجنة دخول المتقين أي المطيعين لله ولرسوله بترك المعاصي وفعل الطاعات، كما أن الغرض من خلق النار دخول الكفار فيها، كما قال تعالى قبلها ” واتقوا النار التي اعدت للكافرين ” فلا ينافي دخول غيرهم في النار تبعا، مثل الفساق، ودخول الاطفال والمجانين والفساق الجنة كذلك فتدل على عظم الاعتداد بشأن التقوى، والموصوف به، بخلاف الضد فلا اعتبار للفاسق عند الله، وإن دخل الجنة، وأيضا إن لوصف الانفاق في العسر واليسر والغنى والفقر دخلا عظيما في ذلك.
ولهذا ورد في الاخبار الكثيرة مدح السخا وذم البخل قال في مجمع البيان أول ما عدد الله سبحانه من أخلاق أهل الجنة السخا ومما يؤيد ذلك من الاخبار ما رواه أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: السخا شجرة في الجنة، أغصانها في الدنيا من تعلق بغصن من أغصانها قادته إلى الجنة والبخل شجرة في النار، أغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن من أغصانها قادته إلى النار، وقال علي عليه السلام: الجنة دار الاسخياء، وقال: السخي قريب من الله وقريب من الجنة وقريب من الناس بعيد من
(1) أي من الآيات الدالة على وجوب الامر بالمعروف، عطف على قوله فيما سبق و منها إن الله يأمر بالعدل الخ.
(2) آل عمران: 133.