زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص320
فيها أحكام منها إذا جاءت امرءة من الكفار إلى المسلمين وادعت الاسلام يجب أن تختبر، فان علم أنها مسلمة لا يجوز إرجاعها إلى الكفار، ومنها أن الكافرة التي أسلمت ليس بحلال للكفار وبالعكس، ومنها أنه تحصل الفرقة بمجرد الهجرة ولا يحتاج إلى الطلاق، ومنها وجوب رد المهر الذي اعطيها، و منها أنه يجوز نكاحهن للمسلمين مع إيتاء المهر، وليس ذلك شرطا بل ولا ذكره وإنما ذكر إشارة إلى أنه لا يكفي المهر الذي رد على زوجها من بيت المال، و أن مجرد الهجرة كافية، ولا يمنع التزويج السبق ولا الكفر، ومنها عدم الجواز نكاح الكافرة للمسلم مطلقا منقطعا ودائما حربية وكتابية، وفيه تفصيل مذكور في الفقه، ومنها طلب المهر الذي أعطيتم إن ذهبت منكم امرأة إلى الكفار كما كانوا يطلبون منكم إذا جاءتكم امرءة منهم.
وفيه آيات
منها: ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف و ينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون(1).
أي ولتكن جماعة هي بعضكم، فمن تبعيضية كما هو الظاهر ” يدعون ” ذكر باعتبار حمل امة على جماعة من الذكور، وإن دخلت النساء فيه تغليبا ” إلى الخير ” أي الدين أن مطلق الامور الحسنة شرعا وعقلا، من المعروف وترك المنكر فيكون مجملا تفصيله ” ويأمرون بالمعروف ” أي بالطاعة والامر يكون للرجحان مطلقا أعم من الندب والوجوب ” وينهون عن المنكر ” أي خلاف الطاعة من كونه مكروها وحراما، ويكون الوجوب الذي يستفاد من الامر أي ” ولتكن ” ومن حصر الفلاح في ” الآمرون والناهون ” المفهوم من قوله: ” واولئك هم المفلحون ” باعتبار المجموع وبعض الافراد، ويحتمل تخصيص الامر بالواجبات والنهي بالمحرمات فيكون صريحا في الوجوب.
وأما تفصيل الوجوب وشرائطه المعتبرة فموجودة في الكتب الفقهية ولا ثمرة كثيرة في البحث عن الوجوب عينيا أو كفائيا والاولى منه في ذلك كون البحث عن كونه عقليا أو نقليا والظاهر أنه كفائي كما هو ظاهر هذه الآية، وكون الغرض هو الرد عن القبيح والبعث على الطاعة ليرتفع القبيح، ويقع المأمور به والحسن، ولا دليل في العقل يدل على الوجوب مطلقا.
نعم يمكن كونه واجبا عقليا في الجملة، وعلى من ظهر عنده قبحه بمعنى ترتب
(1) آل عمران: 104.