زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص269
الخدمة ليس بداخل في الحج، وليس بعبادة بل قد يحصل الثواب والاجرة أيضا كما يقصد تحصيل المعاش الواجب أو الندب أو يؤجر نفسه للحج وغيره بمال فيحصل المال والثواب ويدل عليه الروايات فكأن الثواب فاعتقاده وفعله على أنه مشروع وأنه لو لم يشرع لم يفعل.
ولكن حصول القربة المعتبرة في النية مشكل هنا فتأمل فانه لا محذور بعد ثبوته بالنص، فمعنى القربة يكون غير الذي اعتبره بعض الاصحاب في غير هذه الصورة، مع أنها غير بعيدة الحصول، فان فعلها بعد الاجارة قد يكون للتقرب فقط إذ لا يحصل شئ حيث وجب فعلها بعد عقد الاجارة فتأمل، فعلى هذا الحكم المستفاد من الآية هو جواز التجارة والاجرة والكرى مع الحج، وقيل معناه لا جناح عليكم في طلب المغفرة، وقال في مجمع البيان: الاول مروي عن أئمتنا عليهم السلام والثاني عن أبي جعفر عليه السلام فلا يبعد الحمل على الاعم.
فاذا أفضتم من عرفات
أي دفعتم عنها بعد الاجتماع فيها من أفضت الماء إذا صببته بكثرة وأصله أفضتم أنفسكم فحذف المفعول كما حذف في دفعت من البصرة أي دفعت نفسي منها ” وعرفات ” جمع عرفة وسمي بها الارض المخصوصة كمفردها وإنما نون مع منعها الصرف للعلمية والتأنيث، لان تنوينها تنوين المقابلة، و العوض عن نون الجمع في مسلمون(1) أي بازائه فكما لا يحذف ذلك لا يحذف هذا التنوين وهذا التنوين غير ممنوع من غير المنصرف، بل الممنوع عنه هو تنوين التمكن، وإنما لم يمنع من الكسرة لان منعها تابع لمنع التنوين، ولما لم يمنع المتبوع لم يمنع التابع أيضا بالطريق الاولى، هكذا في مجمع البيان بتغير ما وفي تفسير القاضي(2).
وقال في الكشاف والقاضي أيضا: إن تاءها ليست للتأنيث بل هي مع الالف علامة الجمع وليست هنا تاء مقدرة لان المذكورة تمنع من ذلك
(1) يعنى إذا سمى به امرأة.
(2) مجمع البيان ج 2: 295، أنوار التنزيل: 52.