زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص264
لقوله، وأيضا ضرب الناس لفعل مكروه لا يجوز فلعل كان عنده حراما لكنه لا يصير وجها لقول مالك فكأن في قول صاحب الكشاف ” قالوا وجهه ” إشارة إلى هذه الامور حيث ما أسند إليه وأيضا قد وجه كلام مالك بما أشار إليه فيه بقوله وقالوا لعل من مذهب عروة جواز تأخير طواف الزيارة إلى آخر الشهر، وهذا مؤيد لما قلناه من جواز ثمرة الخلاف كما هو الظاهر، وإن لم يظهر كونه وجها له، إلا بقوله يقول عروة، وأيضا تجويز أبي حنيفة الاحرام بالحج قبل شوال مخالف للآية وقوله بالكراهة لا ينفعه ولا يخرجه عن المخالفة إذ ظاهرها عدم جواز إنشاء الحج في غيرها، فالبناء الذي ذكره البيضاوي وبعض ما ذكره في الكشاف ليس له أساس.
فمن فرض
أي أوجب على نفسه الحج مطلقا حج التمتع وغيره، بحيث صار واجبا فعله وشغله وإتمامه بالفعل، وحرم عليه محرمات الاحرام بالتلبية مطلقا أو بالاشعار أو بالتقليد أيضا إذا كان سائقا كما دلت عليه صحيحة وحسنة معوية المتقدمة فدلت على ركنية التلبية في الجملة وأن الاحرام لا ينعقد إلا بها فخلاف البعض في انعقاده بدونها وأنها ليس بركن كما نقلناه عن الدروس وقاله في مجمع البيان لا يعتد به، ودلت أيضا على إجزاء التلبية مطلقا وإجزاء أحدهما للقارن، وضعف خلاف بعض الاصحاب من تعيين أحدهما للقارن وتعيين التلبية للغير وهو ظاهر ودلت أيضا على وجوب إتمام الحج بعد انعقاده بالاحرام كما هو مذهب الاصحاب والشافعي أيضا على ما ذكره القاضي في تفسيره ولا يبعد دلالتها على وجوب إتمام الحج التمتع بالشروع في عمرته لانه قد ذكر الله تعالى في الآية حج التمتع ثم قال ” فمن فرض ” أي من فرضه مطلقا بالاحرام فوجب عليه الاتمام، ولا يبعد صدق فرضه بفرض عمرته لانهما بمنزلة شئ واحد كما يفهم من الخبر المشهور ” دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك أصابعه صلى الله عليه وآله(1) ” لانه لابد من وقوع إحرامه في هذه الشهور، ومن وقوعها في عام واحد، بخلاف غيره
(1) الكافي ج 4 ص 246، ومثله في سنن ابى داود ج 1 ص 439 و 443.