زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص251
لو كان الاول الصد، وأما لو حصلا معا فعلى ما ذكرناه من النحر في مكان المنع فيهما لا يبعد وجوب اختيار حكم الحصر إن لم يوجب الحلق أو التقصير على المصدود لوجوده في الآية محققا على ما مر، ودخول أفعال الصد فيه، والاحتياط.
ويحتمل وجوب أحكامهما معا للموجب لكنه بعيد، إذ الظاهر أن الغرض التحلل، ولهذا قال المفسرون: المراد إن إردتم التحلل فما استيسر، وليس بذلك البعد، لو كان البعث متعيبا في الاحصار والذبح في المكان، والتصدق به في الصد ولا شك أنه أحوط والتخيير أيضا بعيد، لوجوب موجب القصر أو الحلق، والبعث على الاحتمال، وعدم تحلل النساء حتى يطوف، ويحتمل كون الامر كذلك لو شرع في بعض أفعال أحدهما فحصل الآخر قبل إتمامه أو لم يشرع أصلا، والظاهر أنه يجب العمل بالاول لوجود أولا واستقراره، وعدم تحقق الآخر لانه ممنوع بالاول، فلا يتحقق المنع من الثاني، وهو ظاهر إذ المريض الذي لا يقدر على الذهاب إلى الحج مثلا إذا حصل له عدو فيمنعه على تقدير برئه لا يقال له: إنه منعه العدو.
وقد تحققت من هنا ما في قول الدروس: لو اجتمع الاحصار والصد فالاشبه تغليب الصد لزيادة التحلل به(1) ويمكن التخيير وتظهر الفائدة في الخصوصيات والاشبه جواز الاخذ بالاخف من أحكامها، لا فرق بين عروضهما معا أو متعاقبين نعم لو عرض الصد بعد بعث المحصور أو الاحصار بعد ذبح المصدود ولما يقصرا، فترجيح جانب السابق قوي.
فتأمل فيما ذكرته وفيما ذكره يظهر لك ما فيهما.
ثم إن الاحكام المشتركة بينهما كثيرة مذكورة في الكتب الفقهية وكذا
(1) اى النساء فانهن يحللن بذبح الهدى في الصد دون الحصر وقد مر، وفي كونه سببا للترجيح تامل بل يمكن جعله سببا للمرجوحية كما ذكرناه للاحتياط ووجود المنع منه والموجب فتامل وايضا في قوله والاشبه جواز الاخذ بالاخف تامل فانه ان كان الصد فهو تكرار لا يحتاج إليه وان احتمل غيره فهو غير مناسب بعد اختيار الصد على ان الظاهر ان لفظ جواز لغو بل مضر مناف لقوله يمكن التخيير ان اعتبر مفهومه فتامل.