پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص221

للناس متعلقا بجعلناه صلة له لا مفعولا، ويحتمل أن يكون مفعولا ثانيا متعلقا بمقدر، أي جعلناه مستقرا(1) أو معبدا للناس، وسواء بالنصب يكون حالا بمعنى مستويا العاكف فيه والبادي، وهما فاعلاه وفي سورة الرفع الجملة حال بالضمير، وضعفه غير مسلم كما بين في محله، ويكون العاكف مبتدأ مؤخرا للاهتمام بتقديم السواء والاستواء فان المطلوب هنا هو التساوي والمساواة، وهو ظاهر فافهم.

ويحتمل أن يكون الجملة بدلا أو عطف بيان عن جملة ” جعلناه للناس ” و معناه – بناء على كون المراد بالمسجد الحرام الحرم تسمية للشي باسم أشرف أجزائه ولهذا قيل في ” أسرى بعبده [ ليلا ] من المسجد الحرام ” أنه اسري من مكة من شعب أبي طالب لا المسجد الحرام: جعلنا الحرم مستقرا(2) ومعبدا ومنسكا لهم أو خلقناه لهم كلهم نخص بعضا به دون بعض، فيكون المقيم فيه والطارئ مستويين في سكناه بل سائر التصرفات ولا يتملكه أحد، ولم يكن أولى به من آخر، غير أنه لا يخرج عن منزله الذي سكن وسبق كما في المساجد والاوقاف العامة، مثل الخانات والاراضي التي للمسلمين كافة، وفتحت عنوة، وهذا يكون سبب التسوية التي أشار إليها بقوله ” سواء العاكف فيه والباد ” فانه لا شك في أن مكة وحواليها فتحت عنوة، والمفتوحة عنوة مستو فيها الناس: العاكف والبادي، بمعنى أنه لا يتملك ولا يصح بيعها نعم المتصرف فيها أولى بها مادام قائما بعمارتها، ونازلا فيها وله التصرف فيما يخصه من العمارة والخشب والعمل على أي وجه أراد، وما نقل عن بعض الصحابة من أن كراء دور مكة حرام، فلما قلناه، لا لان الله قال: ” سواء ” ولا لان مكة كلها أو الحرم مسجد، كما نقل عن بعض الاصحاب، فانه بعيد بل لا يفهم له معنى للزوم تجويز الجنابة والنجاسة المتعدية في المسجد وغير ذلك من المفاسد، وبهذا يجمع بين ما تقدم وبين فعل المسلمين الآن من البيع والاجارة ونحوهما، إذ يحمل على أنه باعتبار ما يخصه مثل العمل وحينئذ لا خصوصية للحكم بمكة ولا بالحرم.

ويحتمل أن يكون المعنى جعلناه قبلة لصلاتهم وغيرها، مثل دفن الاموات والذبح ومنسكا لحجهم والطواف فيه، وصلوتهم فيه، فالعاكف والبادي فيه


(1 و 2) مشعرا خ ل.