پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص219

يحتاج إلى التأويل في ضمير ” فيه ” إذ الظاهر إرجاعه إلى بكة لان المقام ليس في البيت، والظاهر أنه بيان للآيات الواقعة في بكة كما قيل، فالظاهر رجوعهما إليهما وإرادة معناهما وإرادة الحرم منهما بعيدة لا يفهم، والمعدة هي الاخبار في هذه المسألة مع فتوى الاصحاب، وإلا فالآية ليست بصريحة بل ولا ظاهرة فان ظاهرها أنها خبر بكونه مأمنا، وجعله بمعنى الامر يعني وليكن مأمونا من دخله أي لا تتعرضوا له بعيد، مع أنه قيل معناها أن من دخله عارفا بجميع ما أوجبه الله تعالى عليه كان آمنا يوم القيامة من العقاب الدائم، ويؤيده ما روي في الكافي في الحسن لابراهيم عن عبدالله بن سنان [ عن أبي عبدالله عليه السلام ] قال سألته عن قول الله عزوجل ” ومن دخله كان آمنا ” البيت عنى أو الحرم؟ قال: من دخل الحرم من الناس مستجيرا فهو آمن من سخط الله تعالى، ومن دخله من الوحش والطير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذى، حتى يخرج من الحرم(1) وهذه تشعر بكون الحكم في الحرم، وفيها إيماء إلى عدم رجوعه إليه، بل إلى البيت حيثما صرح بالمعنى في الآية بل ذكرالحكم، فتأمل.

وقيل أيضا إنه إشارة إلى استجابة دعاء إبراهيم عليه السلام ” رب اجعل هذا بلدا آمنا “(2) ويحتمل أن يكون المراد أمنه من التخريب وغيره من الآفات، ونقل في مجمع البيان أنه روي عن ابن عباس أن الحرم كله مقام إبراهيم ومن دخل مقام إبراهيم يعني الحرم كان آمنا، فالضمير حينئذ راجع إلى مقام إبراهيم، وذلك قريب، ولكن إرادة الحرم هنا من مقام إبراهيم بعيد.

أو راجع إلى بكة، واريد منه الحرم.

والارادة لا يخلو عن بعد بأن يراد من بكة الحرم باطلاق اسم الجزء على الكل، أو لوجود معنى البك في الحرم أيضا في الجملة فتأمل.

واعلم أن في هذا الحكم ودليله دلالة ما على وجوب الاجتناب عن الفاسق فافهم وأن الظاهر عدم تعديته إلى من استدان خارج الحرم مع الوجدان والقدرة


(1) المصدر ج 4 ص 226.

(2) البقرة: 126.