زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص207
نزلت فيهم حيث كانوا يفرحون باجلال الناس ونسبهتم لهم إلى العلم، عن ابن عباس وقيل: نزلت في أهل النفاق لانهم كانوا يجتمعون على التحلف عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله فاذا رجعوا اعتذروا وأحبوا أن يقبل منهم العذر، ويحمدوا بما ليسوا عليه من الايمان، عن أبي سعيد الخدري وزيد بن ثابت، وقال أبوالقاسم البلخي: إن اليهود قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وليسوا كذلك وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام، ثم قال: والاقوى أن يكون المعني بالآية من أخبر الله عنهم أنه أخذ ميثاقهم أن يبينوا أمر محمد ولا يكتمونه وعليه أكثر أهل التأويل، وهو مؤيد لما قلناه وكذا في باقي التفاسير.
ولا يبعد الاستدلال بها على تحريم إرادة المحمدة من الغير بما فعل وبما لم يفعل، بل الفرح بهما أيضا، ولكن بمعنى الاعجاب بما فعل لعموم الآية، وعدم التخصيص بالسبب، وخروج غيره بدليله، ويؤيده النهي الموجود في الاخبار عن الفرح المعجب مثل احثوا على وجه المداحين التراب، قال في العدة العجب من المهلكات قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث مهلكات: شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه، وهو محبط للعمل، والعجب إنما هو الابتهاج بالعمل الصالح واستعظامه وأن يرى نفسه خارجا عن حد التقصير، وهذا مهلك، وأما السرور بفعل الحسن مع التواضع لاجل جلاله والشكر على التوفيق لذلك وطلب الاستزادة، فحسن محمود، قال أمير المؤمنين عليه السلام من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن الخ قال في إحياء العلوم: نقل خبر لو صح لهلكنا، روي أنه ذكر أحد في حضرة النبي بمدح فقال: لو رضي بما قلتم فيه لدخل النار، قلت: يكفي هذه الآية فافهم.
وفيه آيات
الاولى: واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير(1).
قال في مجمع البيان: اللغة: الغنيمة ما اخذ من أموال أهل الحرب من الكفار [ بقتال(2) ] وقال القاضي(3): الذي أخذتموها من الكفار قهرا(4) وفيهما قصور و المقصود أن المراد بها هنا غنائم دار الحرب التي هي أحد الامور السبعة التي يجب فيها الخمس عند أكثر أصحابنا وهي غنيمة دار الحرب وأرباح التجارات و الزراعات والصناعات بعد مؤنة السنة لاهله على الوجه المتعارف اللائق من غير إسراف وتقتير، والمعادن والكنوز وما يخرج بالغوص والحلال المختلط بالحرام مع جهل القدر والمالك، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم.
وضم الحلبي(5) إليها الميراث والهبة والهدية والصدقة، وأضاف الشيخ العسل الجبلي والمن وأضاف الفاضلان(6) الصمغ وشبهه.
(1) الانفال: 41.
(2) مجمع البيان ج 4 ص 543.
(3) في النسخ: أي الذي أخذتموها، واستظهرنا أن الصحيح: ” وى: الذي أخذتموها ” أي وقال ى الذي أخذتموها كما أثتبناه.
(4) تفسير البيضاوي: 164.
(5) هو أبوالصلاح الشيخ تقي بن النجم الحلبي، الشيخ الاقدم من كبار علمائنا الامامية كان معاصرا للشيخ أبي جعفر الطوسي، وقرأ عليه وعلى السيد المرتضى.
(6) هما آية الله العلامة الحلي، مع المحقق الحلي.